في رحمة الله الواسعة وأجره الجزيل، يحظى اليوم المبارك -يوم الجمعة- بمكانة خاصة في الإسلام. هذا اليوم الفريد له مزايا وروافد روحانية عديدة قد تكون غير معروفة للبعض, ولكنها تستحق الوقوف عندها والتعمق فيها. أولئك الذين ينتقلون إلى دار الخلود يوم الجمعة يتمتعون بفوائد كثيرة وفضائل مرموقة وفقا للمعتقدات الدينية والثقافة الإسلامية.
بدايةً، يُعتبر يوم الجمعة واحدا من أكثر الأيام مباركة كما ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: "أفضل يوم طلعت فيه الشمس هو يوم الجمعة". هذه الحقيقة تحمل معنى عميقاً حول توقير وتقدير المسلمين لهذا اليوم بشكل خاص. وهذا يعطي دفعة معنوية لأولئك الذين يفارقون الحياة في هذا اليوم المبارك ضمن الإطار الروحاني والديني.
بالإضافة لذلك، يؤمن المسلمون بأن الأعمال الصالحة التي تُقدم خلال يوم الجمعة تعد مضاعفة بركاتها. وبالتالي فإن الشخص الذي يدخل الجنة بعد وفاته في يوم الجمعة يمكن اعتبار عمله طوال حياته كاملة وقد تمت زيادة أجرها عشرة أمثال، بناءً على الحديث النبوي الشريف: "إن أجور أعمالكم تجتمع حتى تطلع الشمس من مغربها". بالتالي، يعد الانتقال للحياة الأخرى أثناء هذا اليوم مكسباً كبيراً.
كما يُرمز لانتهاء أسبوع العمل المنتظم بنهاية يوم الجمعة، مما يشكل رمزا للتوقف عن الانشغال بالأمور الدنيوية والإقبال نحو الأمور الأخروية. ولذلك، فإنه بالنسبة للأرواح الجديدة التي تنضم لمواطني الآخرة يوم جمعة، يكون مثل بداية فصل جديد مليء بالعبادات والنفحات الروحية الواردة من العلي القدير.
ومن الجدير ذكره أيضا أنه حسب التعاليم الإسلامية، هناك اعتقاد راسخ بأن النفس البشرية مستقرة وسعيدة حين تمر بالموت في يوم الجمعة لأنها ستكون تحت رعاية الرحمن الرحيم مباشرة. فهو القائل جل جلاله "وَما كانَ اللَّهُ ليُظْلِمَهُمْ وَلكِن كانوا أَنفسَهُمْ يظلمون". فالاستقرار النفسي ليس مجرد شعور شخصي وإنما نعمة إلهية تتأتى من رضا الرب والعفو عنه.
وفي نهاية المطاف، فإن الموت نفسه ليس سوى مرحلة انتقال مؤقت بين الدنيوي والأخروي بالنسبة للمؤمنين الحقين بإرادة الله وحكمته. وفي كل الأحوال سواء كانت حياة الدنيا قصيرة ام طويلة، فعلى المؤمن ان يستعد دائماً لهذه اللحظة الأخيرة بحسن الظن بالله واتباع تعاليمه واستخدام الوقت بما يقربه منه سبحانه وتعالى. ولا شك أنه لكل مجاهد مجزٍ جزاءه يوم القيامة إن شاء الله تعالى.
ختاما، فإن اختيار تاريخ وفاة المرء ليس بخيار بشري خالص ولكنه سيادة قدر الله ومشيئة الرزاق عز وجل. ومن باب حسن الظن بالله والتزام الطاعات والاستعداد لملاقاة رب العالمين، يجدر بنا جميعا اغتنام الفرص المتاحة لتحقيق المزيد من البركة والسعادة هنا وهناك آملا لنفس كل مسلم ولوالديه وغيرهما ممن نحب خير الجزاء والأثر الطيب والبقاء الخالد بجوار سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.