سورة الهمزة، وهي سورة مكية مكونة من تسع آيات، تحمل في طياتها تهديدًا شديدًا لمن يعيب الناس ويتهكم بهم بسبب ثروتهم وجحودهم للحق. نزلت هذه السورة الكريمة في شأن جماعة من أغنياء المشركين، منهم الوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبو بن خلف، الذين كانوا يؤذون النبي ﷺ وأصحابه ويشيعون الأقوال السيئة عنهم.
تبدأ السورة بقوله تعالى: "ويل لكل همزة لمزة" (الهمزة: 1)، حيث يشير "ويل" إلى الخزي أو العذاب أو الهلاك، وهو دعاء على كل من يكثر من الهمز واللمز، أي الغيبة والطعن في عرض الآخرين. يجمع ابن عباس-﵄- بين الهمزة واللمزة في معنى واحد، وهو الذي ينم ويفرق بين الأحبة ويباغ العيب للبريء.
ويصف الله تعالى هؤلاء الأشخاص بأنهم جمعوا المال واعتدوه، ويحسبون أن أموالهم ستخلدهم (الهمزة: 2-3). لكن الله تعالى ينبذهم في الحطمة، وهي نار جهنم التي تطلع على الأفئدة (الهمزة: 4-7). إنها نار الله الموقدة التي تكون عليهم مؤصدة في عمود ممتد (الهمزة: 8-9).
وتشير الآيات إلى أن الهمز واللمز من صفات المشركين الذين يجمعون المال ويحسبون أن أموالهم ستخلدهم، بينما يجهلون عاقبة أعمالهم. إن الله تعالى سيجزيهم بما يستحقون من عذاب في نار جهنم.
ومن المهم ملاحظة أن هذه السورة الكريمة تشمل أحكامها كل من فعل مثل هؤلاء المشركين، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فالإسلام يحرم الغيبة والنميمة والطعن في عرض الآخرين، ويحث على حسن الخلق والتعامل مع الناس بالعدل والإحسان.