اسم الله "الخبير" يعبّر عن جانب أساسي من صفاته سبحانه وتعالى، وهو علمه الواسع الشامل لكل صغيرة وكبيرة في هذا الكون. هذا الاسم الكريم يدلّ على معرفته تعالى بكل الأمور الدقيقة والمعقدة التي قد يخفى بعضها حتى على البشر الأكثر ذكاءً وعلمًا. الخبرة هنا تعني العلم بحقيقة الأشياء ومعرفة تفاصيلها بشكل دقيق وفائق.
في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يُظهر لنا الله عز وجل تميزه بخبرته وعلومه الغزيرة. يقول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة الآية 79: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ". هذه الآيات تؤكد قدرة الله العليا وخبراته الواسعة التي تشمل كل ما هو موجود ومخزون ومستقبلي.
كما أكدت الأحاديث النبوية صراحة حول خبرة الله الواسعة. فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إذا سألتم الله، فسألوه من عنده وإذا استعنتُم، فقوموا إلى ربكم واستعينوه'." (رواه الترمذي). إن طلب المساعدة والاستعانة بالله ينطلق من إيماننا بأن لديه القدرة الحصريّة والفرديّة لحماية عباده وتوجيه حياتهم نحو الخير والصلاح.
إن فهمنا لمعنى اسم الله الخبير يقودنا أيضًا للتذكير بموقع الإنسان الصغير أمام رحمة الله وحلمه. فالخبرة الإلهية هي دليل واضح على مدى عمق حكمته وحكمه، مما يستوجب تواضع المؤمن والتضرع إليه دائما طلبا للمغفرة ونيل رضوانه.
وفي النهاية، فإن إدراكنا لإسم "الخبير" يشجعنا على تطوير مهاراتنا المعرفيّة والإرشاديّة ضمن نطاق ديناميكيتهم الإنسانية الطبيعية، بينما نسعى لفهم أكثر شمولاً لأبعاد رؤيتنا للعلم والحكمة عبر منظور عقيدتنا الإسلامية المقدسة.