في رحاب النبوة وظهور الخلافة على منهاجها

هذا المقال يتناول مسيرة الإسلام عبر الزمن، مشيرا إلى نظرة متعمقة حول طبيعة الحكم خلال مختلف الفترات التاريخية. يدور الحديث حول تصريح نبيل للرسول المصط

هذا المقال يتناول مسيرة الإسلام عبر الزمن، مشيرا إلى نظرة متعمقة حول طبيعة الحكم خلال مختلف الفترات التاريخية. يدور الحديث حول تصريح نبيل للرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بمستقبل الأمة الإسلامية. يقول الحديث الشريف: "تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضدا ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".

يشرح الحديث عدة مراحل أساسية مرت بها الأمة الإسلامية قبل الوصول إلى فترة يُمتثل فيها للشريعة بشكل كامل. أول هذه المراحل هي عصر النبوة نفسه؛ الفترة التي عاش فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأدى رسالة الدعوة والإرشاد للإنسانية جمعاء. هذه المرحلة لم تعد موجودة الآن، لكن روحها تبقى حية في ذكرياتنا وتعاليم الدين.

التالية هي فترة الخلافة الراشدة، والتي شهدتها الأمة تحت قيادة صحابة الرسول مثل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم جميعًا. كانت هذه الحقبة نموذجًا مثاليًا للحكم المستند مباشرة إلى منهج النبوة. أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على أهميتها عندما قال: "(على) عليكم بسنتي وسنة خلفائي الراشدين المهديين من بعدي"، مما يشير إلى ضرورة التقيد باتباع تعليماته وتعليمات خلائفه الذين ساروا على دربه.

ثم يأتي دور الملك العاضد، والذي بدأ مع الدولة الأموية واستمر حتى سقوط الخلافة العثمانية. تشير عبارة "العاضد" هنا إلى المتشبث بالقوة والحكم بشدة، حيث يعكس مصطلح "عض" قوة الشد والتزمام الكبير بالأمر المطروح. رغم كون النظام السياسي آنذاك غير مبني تمامًا على أساس شرعي واضح، فقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصبر وبذل الجهد لتحقيق الخير أثناء هذه الفترة.

وأخيراً تأتي مرحلة الخلافة الجبرية، والمعروفة أيضاً بإسم العصر الظالم بسبب انتشار الأقليات والقمع والاستبداد فيها. تُستخدم كلمة "الجبرية" لتوضيح حالة الإجبار والقدرة الغاشمة للحكام آنذاك. ولكن عوضاً عن مجرد قبوله لهذه الحالة المرعبة، طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من المؤمنين القيام بالحرب المقدسة والدفاع عن الأرض المحبة لله ضد هؤلاء الطغاة.

وفي النهاية، يعد الحديث بذلك يوعد بوعد بأن هناك وقت آخر سيكون فيه الحاكم مجددًا ضمن إطار الشريعة الإسلامية وإرث النبوة مرة أخرى. إن هدف هذه الرؤية هو التأكد من اتباع القرآن والأحاديث باعتبارهما المصدر الوحيد للمعرفة والممارسات الدينية. وكما ذكر الله تعالى: "هو الذي أرسل في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويطهرهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين".

وبالتالي فإن فهم تاريخنا ومعرفته يمكن أن يساعد المؤمنين اليوم في تحديد الطريق الأمثل للاستمرار نحو تحقيق مجتمع مستمد من الوحي الرباني ونبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ومبادئه ومبادئ خلفيائه المقربون منه.


الفقيه أبو محمد

17997 博客 帖子

注释