تعد سورة المزمل واحدة من سور القرآن الكريم التي تحمل الكثير من الأحداث التاريخية والدروس الروحية العميقة. هذه السورة نزلت بعد فترة طويلة نسبياً من أول الوحي والنبوة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك خلال الليل عندما كان الرسول يستريح في غرفة زوجته خديجة رضي الله عنها. يأتي اسم "المزمل" من الآية الأولى التي تصف حالة النبي حينذاك: "يا أيها المزمل"، والتي تشير إلى النسيان الذي كان يعيش فيه الصحابة قبل بداية عهد الإسلام.
في هذا السياق، يعتقد العديد من المفسرين بأن السبب الرئيسي لنزول سورة المزمل هو لإعداد النبي صلى الله عليه وسلم لما سيأتي من تحديات وصعوبات بسبب الدعوة الإسلامية الجديدة. فقد كانت تلك الليلة نقطة تحول مهمة بالنسبة للنبي، حيث بدأ الاستقبال الرسمي للملائكة الذين جاءوا برسالة الإله إلى البشرية. وهذه اللحظة تحديداً هي ما تم تصويره في البداية الشهيرة للسورة.
بالإضافة لذلك، تحتوي السورة على تعليمات مباشرة للنبي حول كيفية التعامل مع كفار قريش وردود فعلهم المرتقبة للدعاية الجديدة. كما أنها تتضمن توجيهات واضحة بشأن الصلاة وقت الفجر والشكر لله سبحانه وتعالى على نعمة الدين الإسلامي الحنيف. بالإضافة إلى ذلك، فإن سورة المزمل مليئة بالأدعية والمواعظ التي تدعو المؤمنين للإخلاص والتوجه نحو الله عز وجل.
وبالتالي، يمكن القول إن سبب نزول سورة المزمل كان متعدد الجوانب، ولكنه بشكل أساسي بهدف دعم وتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية رحلته الدينية، وتزويده بالثبات والقوة لمواجهة العقبات المقبلة، وبالتالي إرشاد المسلمين عبر القرون بطرق الصلاة والصبر والإيمان.