- صاحب المنشور: رستم العلوي
ملخص النقاش:
في عالم اليوم السريع التطور والتكنولوجي المتزايد، أصبح التوازن بين متطلبات العمل والحياة العائلية قضية رئيسية تشغل بال العديد من الأفراد. مع زيادة عبء العمل وتقدم وسائل الاتصال الرقمية والإلكترونية، يتعرض الأشخاص لمستويات غير مسبوقة من الضغوط النفسية والجسدية التي يمكن أن تؤثر سلبًا على علاقاتهم الأسرية وعلى صحتهم العامة. يهدف هذا المقال إلى استكشاف هذه القضية المعقدة، وتحليل التأثيرات المحتملة لهذه الاختلالات، واقتراح بعض الاستراتيجيات العملية لتحقيق توازن أفضل بين العمل والعائلة.
مع تحول طبيعة الأعمال التجارية نحو الشركات العالمية والدولية، أصبحت ساعات العمل طويلة ومتداخلة أكثر عبر الفاصل الزمني العالمي. وقد أدى ذلك إلى فرض ضغط مستمر ومفتوح على مرونة الوقت لدى العاملين، مما يؤدي غالبًا إلى تقلص الوقت المخصص للعائلة والأصدقاء، فضلاً عن الاهتمام بأنشطة الصحة الشخصية مثل الرياضة والاسترخاء. كما عزز انتشار الإنترنت والهواتف الذكية القدرة على الوصول للعمل خارج ساعات الدوام الرسمية، حيث قد يستمر التواصل عبر البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية حتى بعد انتهاء يوم عمل الشخص تقليدياً.
من الناحية الاجتماعية والنفسية، يشكل عدم قدرة المرء على قضاء وقت كافٍ برفقة أحبائه ضغطاً نفسيا هائلا ويمكن أن يساهم في شعور الانفصال والعزلة. وهذا يمكن أن يفسر لماذا نرى ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب وغيرهما من الحالات الصحية المرتبطة بالتوتر والتي تصيب الجيل الحالي ممن هم في سن الإنتاج العملي نسبياً مقارنة بالأجيال سالفة الذكر.
بالإضافة لذلك، فإن انعدام التوازن بين العمل والأسرة له تأثير واضح أيضًا فيما يتعلق بتقديم رعاية طفل مناسبة وتعليم مناسب خلال مرحلته العمرية الحرجة للغاية. فالأبحاث توضح ارتباط ضعف الأداء الأكاديمي للأطفال وأساليب التربية الصعبة بمشاركة الآباء المحدودة بسبب طول فترة عملهم وأعبائهم اليومية.
اقتراحات عملية لإعادة التوازن
1- تحديد الحدود وإدارتها
- تحديد عدد محدد لساعات العمل الأسبوعية.
- وضع توقعات واضحة حول استخدام تكنولوجيا المعلومات أثناء فترات الراحة الشخصية.
2- التشجيع على أخذ أيام عطلة مدفوعة الأجر الكاملة واستخدامها بشكل منتظم
- تشجع المنظمات موظفيها الذين لديهم مسؤوليات عائلية كبيرة للاستفادة القصوى من الخيارات المتاحة لهم للحصول على تلك الأيام الدراسية وتجنب حساب إجازاتهم كـ "أرصدة" قابلة للتجميع.
3- دعم البدائل مرنة للمسارات التقليدية للوظيفة (العمل الجزئي)
- إن تقديم خيارات وظيفية جزئية يمكن أن يعطي فرصة لأولئك اللذين يرغبون بالحفاظ علي حبل الوصل بعالم الشغل ولكن بحاجة المزيد من التحكم بساعات عملهم الخاصة لتلبية الاحتياجات العائلية المختلفة منها على سبيل المثال ورعاية الأطفال المرضى.
4 - المساعدة المجتمعية والدعم الحكومي
- يمكن للدولة تعزيز سياساتها لتعكس أهميتها تجاه تحقيق حياة عادلة وزاخرة بالموازنة المثلى بين كلا الجانبين وذلك بتوفير خدمات مجتمعية مجانية ذات جودة عالية نسبيّاً كتلك المقدمة للأمهات مثلاً وما شابهها ضمن خطط وطنية شاملة تأخذ بالنظر الأولوية لحاضنات المستقبل(الأطفال).
هذه مجرد أمثلة قليلة لما يجب فعله لكن يوجد الكثير الأخرى أيضا! فالهدف النهائي هنا ليس تغيير شكل النظام الاقتصادي العالمي فحسب ، بل أيضاً خلق بيئة ثقافية وفكرية رحيمة تستوعب حاجة الجميع لكل منهم حسب حالته الخاصة . لذا فهو يتطلب تعديلات بسيطه وبناء جميع الفرص أمام كل واحد