كان أويس بن عامر بن مالك القرني رضي الله عنه مثالاً حيًا للتقوى والإخلاص في الإسلام. كان معروفًا بحسن خلقه وبرّه بوالدته، حتى أنه لما سُئل عن برِّه بها قال "لقد استأصلتُ البرَّ منها". هذه العبارة تعكس مدى إيمانه الراسخ بالقيم الإسلامية التي تدعو إلى احترام وتقدير الأمهات، كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إن الجنة تحت قدميها.
نشأ أويس القرني في بيئة فقيرة لكن غنية بالمعاني الروحية. نشأت لديه منذ طفولته شعور عميق بالمسؤولية نحو والدته، والتي كانت تؤثر فيه كثيراً بسبب مرضها المستمر. رغم الفقر والعناء، ظل يعتني بها ويخدمها بكل حب وإخلاص. ولم يكن هذا فقط بسبب أنها أمُّه؛ بل لأن تقديره لها كان جزءاً أساسياً من عقيدته واحترامه للدين.
في يوم من الأيام، عندما اشتد مرض والدته، أخبرها بأن وقت رحيلها قد اقترب وأنه سيستقبل رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام نيابة عنها عند باب الجنة. وكانت آخر كلماتها له قبل موتها هي الطمأنينة والثقة بأنه سيكون أول الواصلين إليها بعد وفاته. وقد تحقق ذلك بالفعل حينما شهد بعض الصحابة رؤيته وهو يدخل الجنة برفقة النبي الكريم.
إن حياة أويس القرني مليئة بالعبر حول أهمية البرّ بالأهل خاصة الأم، وكيف يمكن للمسلمين أن يحتذوا حذوه في تقديم الرعاية والاحترام لأحبائهم. إنها دعوة لتذكر فضائل الآباء والأمهات والتأكيد على واجبنا نحوهم بناءً على تعاليم ديننا الحنيف.