- صاحب المنشور: جواد البارودي
ملخص النقاش:مع التطور المتسارع للتكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة وغيرها، يخضع العالم لتغيرات هائلة تؤثر بشكل مباشر على جوانب حياتنا اليومية. هذه التحولات ليست مجرد تحديثات تقنية، بل هي تغييرات جذرية يمكن أن تعيد تشكيل قيمنا ومفاهيمنا الأساسية.
من منظور إسلامي، يُعتبر حفظ القيمة الإنسانية والحفاظ عليها أمرًا ضروريًا. الإسلام يحث على استخدام العلم والمعرفة لتحسين حياة الإنسان وليس لإلحاق الأذى به أو المساس بكرامته. لذلك، فإن التعامل مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يتطلب دراسة عميقة لأبعادها الأخلاقية والدينية. هل تعمل هذه التقنيات على تعزيز العدالة والمساواة كما يدعو إليها الدين الإسلامي؟ أم أنها قد تصبح أدوات لقهر الناس والاستغلال؟
على سبيل المثال، عندما نتحدث عن الخصوصية والأخلاق الرقمية، نجد أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي تجمع كميات كبيرة من البيانات الشخصية للمستخدمين دون موافقتهم الصريحة. هذا يثير تساؤلات حول مدى احترام هذه التقنيات لحرمة المعلومات الشخصية التي حددها الشريعة الإسلامية بشدة.
في مجال التعليم، يتم أيضًا استحداث طرق جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم الدروس وتقييم الطلاب. ولكن كيف يمكن لهذه النهج الجديدة أن تضمن عدم تحويل العملية التعليمية إلى منافسة غير عادلة بين الطلاب الذين لديهم إمكانية الوصول المختلفة لهذه الأدوات؟ وهل ستضمن حماية الحقوق الفكرية والإبداع عند الاعتماد بشكل متزايد على البرامج المدربة بالذكاء الاصطناعي؟
وبالنظر إلى الأعمال الروبوتية والوظائف التلقائية، هناك مخاوف بشأن البطالة الجماعية وما إذا كانت المجتمعات ستكون قادرة على مواجهة العواقب الاقتصادية والاجتماعية لها بطريقة تتوافق مع مبادئ الرحمة والمشاركة وفقا للدين الإسلامي.
أخيراً، ينبغي البحث أيضاً عن كيفية تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بحسب القواعد والأصول الشرعية حتى تكون مكملة للعادات والقيم الثقافية للإسلام عوضاً عن التشويش بها. إنها مهمّة ملحة ومتعددة الأصعدة تتجاوز حدود الهندسة الحسابية لعلم الكمبيوتر نحو فهم شامل لمكانتنا كبشر وكيف يمكننا تحقيق توازن مستدام بين تقدم البشرية واستقرار مجتمعاتها على أساس أخلاقي صحيح.
