معركة حطين، التي وقعت في العام 1187 ميلادي، كانت نقطة محورية ومفصلية في الصراع بين الصليبيين والممالك الإسلامية خلال الحروب الصليبية. جذور هذه المعركة العميقة تعود إلى عدة عوامل استراتيجية وسياسية واجتماعية مترابطة.
في البداية، يُعدّ غزو صلاح الدين الأيوبي لمصر عام 1169 أول خطوة نحو تغيير ميزان القوى. تمكن صلاح الدين من توحيد مصر والشمال الأفريقي تحت حكم واحد قوي، مما عزز موقع المسلمين وأعطاهم اليد العليا ضد الفرنجة الذين كانوا يسيطرون على القدس منذ عام 1099.
ثانياً، اندلعت الفوضى السياسية داخل الدولة الصليبية بسبب الخلافات الداخلية والصراعات بين أمراء الإقطاعيات المختلفة حول السلطة والثروة. هذا التشرذم الداخلي خفض بشكل كبير قدرتهم على الدفاع والاستجابة للمهددات الخارجية.
ثالثاً، كان هناك عامل ديني - روحي يعزز الدافع الإسلامي للقتال. بعد سيطرة الفرنجة على الأرض المقدسة، أصبح إعادة فتحها قضية عقائدية بالنسبة للإسلاميين. تصبح حرية بيت الله الحرام هدفاً مقدساً يستحق النضال الشرس لتحقيقه.
أخيراً وليس آخراً، أثرت الظروف الاقتصادية والجغرافية أيضاً. مناطق مثل بلاد الشام كانت الغلة الرئيسية للفرنجة، وكانت خسارتها ستكون كارثة اقتصادية لهم. ومع ذلك، فإن مواقعهم الاستراتيجية في المرتفعات جعلتها معرضة للهجمات المضادة من قوات صلاح الدين المنظمة جيداً والتي تستغل المناظر الطبيعية الوعرة لصالحها.
وتجمع كل هذه العوامل لتشكل الرؤية الواضحة لسبب ومعنى معركة حطين، وهي انتصار أساسي ضمن سلسلة طويلة ومتعبة من النضالات الدينية والعسكرية عبر تاريخ العالم القديم المتوسطي.