إنّ لمفهوم "الإحسان" مكانة سامية في الدين الإسلامي، إذ يشكل العمود الفقري للسلوك الإنساني النبيل والذي يساهم بشكل مباشر في بناء مجتمع متماسك ومترابط. ليس فقط أنه يحقق رضا الرب جل وعلا، بل أيضًا يؤثر تأثيراً عميقاً على الحياة اليومية للأفراد والجماعات.
آفاق الإحسان الشخصية
- الحفظ والتوجيه الإلهيين: عندما يتمسك المرء بالإحسان، فهو بذلك يضمن وجود راعٍ ورقيب وهو الله عز وجل. هذا التدبير الروحي يوفر شعورًا بالقوة والثقة أمام تحديات الدنيا. يقول القرآن الكريم: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤]. هنا يكشف لنا الكتاب المقدس العزيز بأن محبة الله تتجه نحو أولئك الذين يبذلون الخير.
- النماء الأخروي: الإحسان يجلب جزاء عظيماً بعد الموت حسب عقيدتنا. إنها ضمانة لدخول الجنات والاستمتاع بخيريها بلا هموم ولا أحزان. كما ورد في كلام الله القدير: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}. [الأعراف :٥٦] هذه الرحمة ليست مجرد درجات أعلى من الثواب؛ ولكنها أيضا قرب معنوي وفكري روحي مماثل لعلاقة الأم بوليدتها التي لاتقبل المنافسة!
- تنقية النفس: أكثر ما قد يعكر صفو قلب البشر هي الأحكام الخاطئة والنوايا المتشككة. يعمل الإحسان كمرشح طبيعي لهذه الأفكار السوداوية فتزول تدريجيًا تاركة خلفها منافذ صادقة للتواصل الاجتماعي والحياة الأكثر سلامًا داخليًا وخارجيًا.
- منع المعاصي: إن السلوك المستقيم الذي ينتج عنه الشعور بالألفة القريبة مع الذات يعني وبشكل منطقي تجنب الكثير من مخالفات الشرع لأن الإنسان يصل لحالة يسمون بها "التذكر لله دائمًا". وهذا بالتأكيد يقوده للتحرك بما يرغب فيه رب العالمين طمعا فيما عند عباده المقربين منهم حرصا منهم لنيل رضاه.
- السعادة الروحية: أخيرا وليس آخر -فهذا الجانب مهم جدا لمن يريد فهم ثقافة الشعائر- يقوم حسن التعامل بسد باب الضغط العاطفي ومن ثم فتح مجالات جديدة للاسترخاء الداخلي المنشود لتحقيق حالة الطمأنينة الداخلية والتي تعد أحد دلائل قبول الأعمال وطريق الوصول للجنة حق الوصول كما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة الأخيرة قبل وفاته -رضي الله عنها-.
دور الإحسان في المجتمع
وجود طبقات اجتماعية تعمل وفق فلسفة واحدة تسمو فوق مصالحها الخاصة لصالح العامة يعتبر سر نجاح الدول المدنية عبر التاريخ بدون استثناء واحد حتى الآن ! فعلى سبيل المثال:
- تقوية روابط الشعب: وجود مجموعة كبيرة مؤمنة بمبدأ المساعدة المتبادلة بمثابة قاعدة أساسية للحفاظ على الهيكل الوطني ضد عوامل الانشقاق الخارجية المختلفة سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم غير مباشرة مثل موجات التشرد السكانية المفاجأة وغيرها كثير . فالخلاصة تقضي بتعزيز الوحدة الوطنية بغض النظر عن الاختلافات الأخرى تحت شعار "المصلحة المشتركة".
- تسريع عملية النهضة: توفر بيئة صحية لتأسيس أنظمة عمل تشجع التفكير العلمي والإبداعي نتيجة غياب المؤاخذة والخوف ممن حولنا بسبب عدم وجود حاجة ملحة لذلك كون الجميع متحضرون مثلك تماما فقط لأنهم كذلك بالفعل !!! وهذه بدورها ستسهل نشر الثقافات الجديدة النافعة للعالم بأسره لانطلاق أفكار خلاقة قادمة من مختلف البيئات المحلية بجدارة وكفاءة عالية نظرا لغنى التجارب لديهم أصلاً !!
- تنمية التواصل: زيادة فرص التعاون المثمر والسليم نظرًا لتعميم الفكرة الرئيسية وهي ضرورة مراعاة الآخرين واحترام خصوصياتهم وبالتالي ظهور أرض خصبة للتسامي فوق مشاعر الاستياء تجاه المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة مثلا لقناعة عامة لدى الجمهور بأنه يوجد دائما شخص محتاج لمساندة اخوانه وقت حاجته لهم .. وهذا بصورة تنذر بنشوء نظام مجتمعي مبني علي احترام القانون عرفيا ودستوريا ايضا!!!
وفيما يلي تفاصيل أنواع مختلفة للإحسان الواجب فعلها ضمن نطاق تلك الرؤية المثالية:-
- الصلاة بعبادات القلب والعقل: إدراك حضور الله برغم طول مدد الزمان وفي كافة جوانب الحياة يساعد فردياً على تصحيح توجهات نشاطاته اليومية لمجاراة روحانية ديننا الحنيف . بينما تنظيم الوقت الأمثل يمكن اعتباره جانب عام يتعلق بالمشاركة المجتمعية عموما وينبع منه فصل بين الخطوات العملية والدينية لذاجة تواجد مجتمع قائم على تقديس العقائد الاسلامية ارتباطا بحقيقة الواقع المحيط بنا جغرافيا وفلسفياً..
- العناية بذوي القربي: تقديم الخدمات اللازمة لكبار السن سوف يفسر سلوكا حسنا جميل الصورة خاصة وأن آبائنا واجدادنا يعدون مصدر إلهام لكل أبناء الوطن العربي الحديث حاليًا في مرحلة انتقالية هائلة تمر لأول مرة منذ نهاية فترة الاحتلال الفرنسي للدولة اللبنانية واستقلال ليبيا مؤخرا رغم اختلاف أشكال الحكم السياسي فيها بشدة لكن تبقى هناك رابط عقد اجتماعي مقدس تربط بين أهل البلد الأصلاء مهما اختلط الدم خارج الحدود الجغرافية التقليدية القديمة ..
- صلة الأرحام: دعم شبكات العلاقات الاجتماعية الأكبر حجما وانتشار عن طريق حفظ حقوق أقارب الدرجة الثانية بالإضافة إلى توسيع مظلتها لترتبط بوطنيتها كاملة تساهم جنباً إلي جنب مع التشريعات الحديثة لإصلاح النظام الأساسي الحالي لفترة زمنية قصيرة نسبياً ولكنه سيكون تاريخيا بالنسبة لها إذا تم تحويل الاتجاه العام حاليا نحو مزيد من تكريس المبادرات ذات الطبيعة الديمقراطية داخل الدولة المصرية وبالفعل