يمثل "الموطأ" للإمام مالك ابن أنس أبرز مراجع السنة النبوية وأحد أهم أعمال الفقه الإسلامي. ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى النهج المستحدث والمميز الذي اعتمده الإمام مالك في كتابته وتنظيمه وتدوينه للأحاديث النبوية الشريفة. وفيما يلي تحليل مفصل لهذه الحرفية الفريدة ومبادئه المعقدة:
- نهج الإمام مالك في اختيار الأحاديث: كان الإمام مالك رائدا بين علماء الحديث الذين سعوا للحصول على الحقائق من خلال البحث الدقيق والتثبت من صحتها عبر مجموعة من القواعد الواضحة المحددة. وهذا الجهد الباهر تجلى بلا كلل خلال عمله المكثف الذي دام أربعة عقود لإعداد وإعادة تنظيم "الموطأ". نجح فيها بإعداد قائمة اقتنع بها تتضمن حوالي خمسمئة حديث فقط. ويُذكر أنه قام بتصفية هذه الأحاديث بناءً على عدة معايير دقيقة قبل قبولها، بما في ذلك مطابقة محتواها لتعاليم القرآن الكريم والأحاديث الأخرى الثابتة وسيرة أهل المدينة. يُشار أيضا لقواعده التالية بشأن رواة الأحاديث:
- شرطه بأن يكون المصدر ثقتًا مثبتًا، فقد أشادت بأمانته أقلام التاريخ وتركت أثراً دائمًا لدى العلماء.
- طرح شرط شهرة الرواة أيضًا كتوسيع لمبدأ الاختيار لديه، بدافع إيمانه بأنه ينبغي الاعتماد على أولئك الذين اشتهروا بمعرفة الدين وحفظ التعاليم الدينية ليصبحوا مؤهلون لنقل تلك الوصايا مباشرةً بدون وسائل أخرى للتأكيد عليها.
- حظر اعتماد تقارير ثلاث مستويات عالية الخطورة وهي: الغباء والحسد والحسد تجاه دين الإسلام (السفه)؛ الشخص المتحامل والذي يؤثر بلطف وجهة نظره الخاصة (الفاسق); وكبار السن الذين غفلوا عقولهم ولم يحافظوا على فهم جيد لمنطق الحديث (غير المؤكد).
- منع استخدام التقارير المقدمة ممن يعرفون بالتغيير العقائدي وانحرافات الاعتقاد.
- حرص شديد على بساطة اللغة وعدم وجود غموض داخل النصوص المختارة من أجل سهولة الفهم والاستيعاب العام.
- طريقة تنسيق "الموطأ": تميز طريقة تصنيف "الموطأ" بترتيب منطقي حسب الموضوعات والفروع القانونية الرئيسية للشريعة الإسلامية. تبدأ الدولة بمجموعة من المواضيع اليومية الشخصية ("الوقوت")، متابعة بفصول الطهارة ثم الصلاة وغيرها من جوانب عبادة الأفراد والعائلة المجتمعية المختلفة بما في ذلك خطبة الجمعة والصلاة والجنائز وغيرها الكثير لتخضع أخيرا لقسم واسع جدًا ومتنوع يشمل جميع أنواع التعليمات العامة تحت عنوان جامع جامع لكل الأمور المهمة والتي تحمل نفس الاسم - جامعا - كما ذكرناه سابقًا. يتميز هذا الجزء الخاص بنطاقه الكبير ويتناول مواضيع متنوعة تشمل علم النفس والقضايا الاجتماعية والإرشادات للسلوك الحميد واستخدام التصاريح المناسبة وما شابه ذلك.
- مقاصد الإمام مالك في نقل الآراء والشهادات: احتوى عمل الإمام مالك على مجموعة كاملة وغنية من المعلومات تعكس خبرته وفهمه للقانون الإسلامي والدين نفسه بطريقة شاملة وجامعة. يمكن تلخيص تفاصيل ما ورد داخل الكتاب بخمس مجموعات أساسية رئيسية كالوصف التالي:
- توثيق العديد من الأحاديث النبوية ذات التسلسل الواضح للسلسبيل، مما شكل العمود الفقري للتراث المكتوب وتمثيل دلائليه الأصلية والمشروعات المثالية التي تسعى لتحقيق العدالة والرحمة والكرامة الإنسانية للعبد المطاع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام ومن ارتضاهم ربه رسلاً .
- إضافة بعض الزخارف الجميلة تسمى بـ\"البلاغات\" وهي عبارة عن أفكار واقتراحات قدمتها شخصية صاحب القرار الأعلى نفسها حول مختلف المواقف النظرية التطبيقية السياسية والاجتماعية العملية اليومية وكذلك الحياة الأخلاقية والعلاقات البشرية بكافة مساراتها المختلفة.
- إدراج فقرات تعود لسلسلة طويلة نسبياً تمتد إلي شخص واحد أو اثنين أقل درجة رتبة نسبت إليه نسبة مخفية لكن ليس بسبب