تعدّ "السجدة" واحدة من أكثر أسماء سورة آل عمران انتشارًا بين جمهور المسلمين، لكن هذا الاسم ليس الوحيد الذي تُعرف بها هذه السورة العظيمة. فبالإضافة إلى "السجدة"، هناك عدة تسميات أخرى للسورة مثل "آلم تنزيل" و"آلم تنزيل السجدة" وفقًا لما ورد عند البخاري -رحمه الله-. كما أنها تُسمى أيضًا "المضجعات" نسبةً للفظ "المضاجع" الوارد فيها، بالإضافة إلى "المنجية" و"سورة لقمان". إلا أن السبب الرئيسي لتسميتها "بالسجدة" يكمن في الآية الشهيرة التي تدعو إلى السجود عندما تقرأ، الأمر الذي يؤكد على شدة عظم وعظمة كتاب الله تعالى.
وتقع سورة السجدة ضمن السور المدنية، ويبلغ عدد آياتها ثلاثين آية كريمات. تتميز هذه السورة بموضوعاتها المتنوعة والمفصلة بدقة متناهية حول نفي الشكوك والريب حول قرآن الله سبحانه وتعالى. تبدأ بتأكيد نزاهة الكتاب المقدس وعدم تعرضه للتناقضات مطلقًا، ثم تشرح حكمة ودواعي نزوله المنزل من عند الرحمن الرحيم. وفي نهج تسلسلي واضح المعالم، تقدم تصوراته الملهمة للعظمة والخالق الواحد الأحد، ومقارنة واضحة بين صفاته وصفات الكافرين وثبات إيمان المؤمنين الحق بهم.
وفيما يتعلق بفوائد وآثار قراءة سورة السجدة، فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يستحب قراءتها خلال صلاة الفجر يوم الجمعة وبشكل منتظم قبيل نوم كل فرد ليلاً. وتمثل السورة محاكاة نابضة بالحياة لعاطفة خلق سيدنا آدم عليه السلام وغرابة أحوال اليوم الآخر وإعادة الحياة مرة ثانية عقب الموت. إنها مرآة تعكس قدرة اللغة العربية الرائعة والتواصل الروحي المباشر مع ضمير الإنسان لإرشاده نحو طريق الحق والفطرة البديهية المستندة لمبادئ توحيد الرب والإقرار بخلقه ورزقه. وتشير الرؤية العامة للقرائن التاريخية والنصوص الدينية ذات الصلة إلى أهميتها القصوى لدى علماء الدين والأتباع المحبين لنبي الإسلام المصطفى أحمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين أجزل الثواب والسلام.