نشأ المذهب المالكي، أحد أبرز مذاهب الفقه الإسلامي، في مدينة المدينة المنورة التي كانت تحت حكم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان خلال القرن الثامن الميلادي. هذا المذهب يحمل اسم الإمام مالك بن أنس، وهو عالم وفقيه بارز عاش بين عامي 93 و179 هجرياً (712-795 ميلادياً). يُعتبر المذهب المالكي ثاني أكبر مدرسة فقهية بعد الحنفيّة.
تنموّت جذور هذا المذهب من خلال اهتمام الإمام مالك بالمدينة المنوّرة كمركز لتعليم الحديث والشريعة الإسلامية. استندَ إمامُنا إلى العديد من الروايات والأحاديث النبوية الشريفة التي قد حفظها وأدَّخر الكثير منها. كما تأثر بشكل كبير بمدرسة أهل المدينة الذين كانوا معروفين بتفضيلهم للرأي المحلي والعرف المحلي عند حل المسائل القانونية.
يتمتع المذهب المالكي بسعة واسعة وكثافة هائلة من الآراء والمبادئ القانونية. يستند معظم مواده الفقهية على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بالإضافة إلى الاجتهاد والاستحسان وغيرها من أساليب الاستنتاج الفقهي الأخرى. يتميز أيضاً باستخدام العادات والتقاليد الواردة منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والتي ما زالت سائدة حتى ذلك اليوم.
بالإضافة إلى تلك الجذور القوية، كان لكل مرحلة تاريخية تأثير خاص عليها. فقد أثرت فترة الحكم الأموي بالإدارة المركزية والقوانين الموحدة، بينما ترك عهد الدولة العباسية بصمة واضحة من خلال انتشار الثقافة العربية والفارسية مما أدى لتوسيع نطاق التأثير لهذا المذهب خارج حدود الجزيرة العربية.
وفي الوقت الحالي، يعتبر المذهب المالكي الأكثر شيوعاً بين المسلمين في المغرب العربي ومنطقة شمال أفريقيا بالإضافة لمصر وليبيا وجزر القمر والصومال ومالي وغامبيا وسيراليون وتشاد وبنين ونيجيريا. ويعد حضوره ملحوظاً أيضا في الهند ودول جنوب شرق آسيا مثل اندونيسيا وماليزيا وفي بعض المناطق الأفريقية الأخرى. إنه حقا "منارة الفقه الإسلامي".
