في شهر رمضان من العام الثامن للهجرة، انطلق جيش المسلمين بقيادة النبي محمد ﷺ نحو مكة المكرمة، بعد أن نقضت قريش صلح الحديبية بدعمها لقبيلة بني بكر في عدوانها على قبيلة خزاعة حليفة المسلمين. كان هذا النقض بمثابة الضربة القاضية لقريش، التي أدركت عجزها عن مواجهة قوة المسلمين المتنامية.
عند وصول الجيش الإسلامي إلى مشارف مكة، خرج بعض رجال قريش لاستسلامهم، منهم العباس بن عبد المطلب الذي أسلم لاحقًا. ثم جاء أبو سفيان زعيم قريش، الذي أعلن استسلامه أيضًا بعد أن رأى قوة الجيش الإسلامي. حاول أبو سفيان إقناع قريش بالاستسلام، قائلاً: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن". هذه الكلمات كانت بمثابة هدية من النبي ﷺ لحفظ الدماء.
دخل جيش المسلمين مكة دون قتال، باستثناء اشتباك قصير مع مجموعة من فرسان قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو. بعد دخول مكة، أمر النبي ﷺ بتحطيم الأصنام حول الكعبة وفي داخلها، مما يمثل نهاية السلطة الوثنية في مكة.
نتائج فتح مكة كانت عميقة ومؤثرة:
- إسلام أهل مكة: أسلم معظم أهل مكة بعد رؤية قوة المسلمين وتسامحهم.
- سيطرة المسلمين على مكة: أصبحت مكة تحت سيطرة المسلمين، مما مهد الطريق لاستسلام الجزيرة العربية كلها.
- تحطيم الأوثان: تم تحطيم الأصنام حول الكعبة وفي داخلها، مما يمثل نهاية عبادة الأوثان في مكة.
- إذعان الجزيرة العربية: إذعنت معظم الجزيرة العربية لقوة المسلمين، ودخل معظمها في الدين الإسلامي بعد رؤية قريش ومكة تخضع لسلطان الإسلام.
فتح مكة كان لحظة فاصلة في تاريخ الإسلام، حيث أظهر قوة المسلمين وتسامحهم، مما مهد الطريق لانتشار الإسلام في الجزيرة العربية وخارجها.