تعد ليالي الإسراء والمعراج لحظات فارقة ومفصلية في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي تاريخ الأمة الإسلامية جمعاء. تعتبر هذه الليلالاثنتان حدثين مميزين لكنهما يختلفان بشكل واضح فيما يتعلق بالسياق والتوقيت والمكان. سنستعرض هنا الفروقات الرئيسية بين ليالي الإسراء والمعراج لتوضيح معانيها ومدلولاتها العميقة.
ليلة الإسراء: سفر روحي إلى المسجد الأقصى
ليلة الإسراء هي الرحلة الروحية التي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف عبر البراق، وهو حمار أبيض سماوي الجمال. وقع هذا الحدث قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات تقريبًا، وتحديداً خلال عام 621 ميلادي (18 هجري). يُعتبر مسجد بني إسرائيل هو المحطة الأولى لهذه الليلة المباركة، حيث وصل النبي هناك وصلى ركعتين لله تعالى. ثم توجه بعدها للمصلّى الإبراهيمي لأداء الصلاة أيضًا، وليكون بذلك أول من أدخل صلاة الفجر إلى بيت المقدس.
ليلة المعراج: الارتقاء إلى السماوات العلا
أما ليلة المعراج فهي استكمال لمسيرة الإسراء، إذ ارتقى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم فوق سبع سموات إلى السماء الدنيا ومن ثَمَّ إلى السماء الأعلى حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهي حدود ما أحل الله لعباده المؤمنين من رؤية ملكوت السماوات والأرض. كانت هذه الرحلة علامة بارزة على قدرة الله عز وجل وفرادتها المستمدة مباشرة منه جل وعلا. كما شهد فيها النبي المواطن النبي موسى وهارون عليهم السلام بالإضافة لمقابلة عدة شخصيات نبوية أخرى سبقت ظهور الإسلام. تُعد ليلة المعراج نقطة تحول مهمة في التشريع الديني حيث تم تحديد فرض خمس صلوات يومياً بعد مشاورة أهل العلم السابقين الذين التقاهم الرسول أثناء عرجته.
ويرجع السبب الرئيسي لتحقيق هاتين الحادثتين المجهريتين بالخصوص للنبي الكريم وفقًا لما ورد في القرآن والسنة إلى مكافأة إيمانه وثباته أمام تحديات قومه بما يشمل الضغط النفسي والجسدى له ولأصحابه آنذاك. وقد جاء ذكر تلك الوقائع العظمى كدليل قاطع على صدق رسالة الاسلام وبراءة قلب المصطفى مما نسب إليه من اتهاماته الزائفة وقتئذٍ نحو تعاطيه للجن والشيطان حسب ادعاء خصوم الدين لاحقا. لذلك فإن مراسم الاحتفاء بهذا اليوم المجيد تأتي احتفاءً بتلك اللحظات الخالدة للتذكير بمآثر سيد البشر وإظهار الشكر للأحداث الربانية العجيبة التي حققت للإنسانية حرية اختيار طريق الحق طريق الاستقامة ووحدانية الربوبية الواحدة والعليا