تفسير سورة الشرح: رحمة الله وهدايته للنبي محمد ﷺ

سورة الشرح هي سورة مكية، تتألف من ثمان آيات، وسبع وعشرين كلمة، ومئة وثلاثة أحرف. تبدأ السورة بقوله تعالى: "ألم نشرح لك صدرك" (الشرح: 1)، مما يدل على ر

سورة الشرح هي سورة مكية، تتألف من ثمان آيات، وسبع وعشرين كلمة، ومئة وثلاثة أحرف. تبدأ السورة بقوله تعالى: "ألم نشرح لك صدرك" (الشرح: 1)، مما يدل على رحمة الله وهدايته للنبي محمد ﷺ.

في هذه الآيات، يذكر الله تعالى فضله على نبيه محمد ﷺ، حيث شرح صدره للإسلام، وأزال عنه الوزر الذي كان يثقل كاهله، ورفع ذكره بين الناس. هذا الشرح للصدر يشمل توسعته وفتحه لقبول كل ما هو من الفضائل والكمالات النفسية، وإذهاب كل ما يصد عن الإدراك السليم وعن الحق والخير والهدى.

وقد روي عن ابن عباس-﵄-أن معنى "ألم نشرح لك صدرك" هو "ألم نلين لك قلبك"، كما روي عن الضحاك عن ابن عباس أيضا أن النبي ﷺ قال: "نعم وينفسح"، عندما سئل عن شرح الصدر.

كما يذكر الله تعالى في سورة الزمر (22) أن من يشرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، وفي سورة الأنعام (125) أن من يريد الله هدايته يجعل صدره فسيحا سمحا سهلا، بينما من يريد إضلاله يجعل صدره ضيقا حرجا.

وفي تفسير الحسن البصري-رحمه الله تعالى-قال: "ألم نشرح لك صدرك" أي ملئ حكمة وعلما. وهذا يدل على أن الشرح يشمل أيضا ملء القلب بالحكمة والعلم.

ومن الأحاديث التي تدعم هذا التفسير، حديث أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة، حيث أخذ جبريل-﵇-النبي ﷺ وهو يلعب مع الغلمان، فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرجه، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه. وهذا يدل على أن الشرح يشمل أيضا تطهير القلب من الشوائب والوساوس.

وفي ليلة الإسراء والمعراج، تكررت هذه العملية الجراحية على الصحيح.

بهذا التفسير، نرى أن سورة الشرح هي سورة تدل على رحمة الله وهدايته للنبي محمد ﷺ، وتشمل توسعة الصدر للإسلام، وتطهيره من الشوائب، وملئه بالحكمة والعلم.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات