ابن كثير - الاسم الحقيقي إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي - هو أحد أشهر العلماء والمؤرخين المسلمين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الفكر والثقافة الإسلامية. ولد عام 701 هجري في مدينة دمشق عاصمة الدولة الأيوبية آنذاك، وترعرع في بيئة تحفيزية للإنتاج العلمي والديني.
بدأت مسيرته التعليمية تحت رعاية والده الذي كان له دور كبير في تشكيل اهتمام ابنه المبكر بالعلوم الشرعية والتاريخ. درس ابن كثير العديد من المواد بما فيها الحديث النبوي الشريف، القرآن الكريم، الفقه، والأدب العربي. هذا الثراء المعرفي مكنه لاحقًا من أن يصبح مؤلفًا بارعًا ومحققاً موثوقاً.
من أهم الأعمال التي ساهمت بشكل كبير في شهرته العالمية كتاب "البداية والنهاية"، وهو موسوعة شاملة تتناول التاريخ الإسلامي منذ بداية الخلق حتى زمان كتابة الكتاب. إضافة إلى ذلك، كتب شرحا لكتاب صحيح البخاري والمعروف باسم "شرح صحيح البخاري". كما ألف أيضا أعمال أخرى مثل "تفسير القرآن العظيم" و"البدور السنية في مناقب سيدنا".
لم يكن فقط عالم دين وأديب، بل أيضاً حكيماً سياسياً. شارك ابن كثير بنصح الأمراء والحكام ومن ضمنهم السلطان الظاهر برقوق مؤسس الدولة البرجاوية. توفي ابن كثير في العام 774 هجري تاركاً إرثاً علمياً وفكرياً ثرياً مازالت آثاره تؤثر حتى يومنا هذا.
يتضح تأثير ابن كثير ليس فقط عبر كتبه ولكن أيضًا من خلال الطلاب الذين تعلموا منه وأصبحوا علماء مؤثرين بأنفسهم. يعكس عمله التفاني والإخلاص تجاه تعزيز المعرفة الدينية والثقافية مما جعله رمزًا هامًا في العالم الإسلامي.