تعد سورة الملك واحدة من سور القرآن الكريم التي تحمل العديد من الرسائل العميقة والمعاني البارزة. وقد شغلت الأسباب المحيطة بنزولها بالعلماء والمختصين حتى يومنا هذا. وفقاً للمصادر الإسلامية التقليدية، يرتبط نزول هذه السورة بعدد من الحوادث والتوجيهات الإلهية.
في بداية الأمر، يذكر بعض العلماء أن سبب النزول الرئيسي لسورة الملك يعود إلى دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأبي لهب وزوجته أم جميل للدخول في الإسلام. عندما رفضوا الدعوة وهددا بالنفي إذا لم ينسحب منها، نزل الوحي بإرشاد من الله ليبارك في قلب رسول الله ويمنحه الصبر على المكائد والأذى. "وإن تك ذوا حاجة فاستغن"، كما جاء في الآيات الأولى من السورة، هي رسالة مباشرة للتأكيد على قوة ونقاء قيادة النبي.
علاوة على ذلك، هناك رأي آخر يشير إلى أن سورة الملك كانت رد فعل مباشر لنبوءات كفار مكة الذين كانوا يحاولون التشويش على رسالته المقدسة. اعترف هؤلاء بأن محمد كان صادقاً في نبيه ولكنهم أرادوا دحض قدرته الخارقة بالتظاهر بأنه مدعوم بجني وليس بوحي سماوي. تحداهم الله سبحانه وتعالى بقوله في السورة نفسها "أم يقولون به جِنّ؟ فإنهم سمعوا طَريدَهُ وجنوده". هذه الآيات تؤكد مرة أخرى على أصالة وحقيقة الوحي الرباني وتكون دليل واضح ضد ادعاءات خصومه.
بالإضافة لهذه الجوانب, يُعتقد أيضاً أن سورة الملك قد نزلت لتدعيم إيمان المؤمنين الذين بدأوا يتعرضون لفتن كبيرة وكثيرة. تعطي الآيات التالية مثالاً حياً حول كيفية مواجهة مثل هذه الفتن: "فاسجدوا لله وانحنوا معه تسجيلاً." تشجع المسلمين على الاستمرار في طريق الحق والثبات رغم المشقات والصعوبات المطروحة أمامهم.
وبذلك، يمكن القول إن تاريخ نزول سورة الملك متشابك مع فترة مليئة بالأزمات والعقبات الدينية والاجتماعية. إنها بمثابة مصدر إلهام للأمة الإسلامية اليوم للاستمرارية في التصدي للتحديات بروح ثابتة وإيمان عميق.
