ولد عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، المعروف بابن عمه لأبي لهب، لعائلة قرشية مرموقة عام 575 ميلادي تقريباً في مكة المكرمة. وعلى الرغم من مكانته الاجتماعية كابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان معروفاً برفضه للنبوءة التي جاء بها الرسول الكريم منذ البداية.
سُمّي "أبا لهب"، وهو لقب يعني "الأب المحترق"، بسبب شدّة غضبِه وحميَّة دينه الوثني القديم. وفي مواجهة دعوة النبي للناس لعبادة الله الواحد الأحد والإخلاص له فقط، اختار أبي لهب الدفاع بشدة عن عبادة الأصنام ومقاومة الدعوة الإسلامية الجديدة بكل قوة ممكنة. لم يكن ذلك مجرد رفض شخصي للدين الجديد؛ بل تحولت موقفه إلى عداء علني يشجع الآخرين على الاستمرار في طريق الجهل والكفر.
كان دور أبي لهب واضحاً في مقاومة انتشار الإسلام خلال سنواته الأولى الصعبة. فقد قام بإثارة الفتن بين المسلمين وقتل بعض المؤمنين الجدد مستخدماً نفوذه وثروته الطائلة لتحقيق أغراضه الشيطانية حسب وصف القرآن الكريم. كما سعى لإفساد قلوب الناس ضد الدين الحنيف عبر نشر الإشاعات وتقديم الهدايا الرخيصة مقابل عدم الانضمام للإسلام. ولكن رغم كل محاولاته المتواصلة للتخريب والتدمير، ظل نور الحق يزداد سطوعا حتى حانت لحظة النهاية المريرة عندما قضى الله سبحانه وتعالى عليه وعلى بركة حياته يوم فتح مكة حين مات زوجته وقطع رزقه من التجارة مع قبائل العرب الأخرى مما أدى لتغيير مهنته التقليدية بشكل نهائي.
إن قصة حياة أبي لهب تحمل درساً مهمًا للأجيال القادمة حول قوة الخير وكيف يمكن للحقيقة النقية والمخلصة لله أن تتغلب على الشرور الظاهرة بغض النظر عن المكانة المجتمعية للأعدائها طالما أنها تعتمد على الثبات والصبر والثقة بالله عز وجل وعدالة قدره. إنها قصة خالدة تدعونا اليوم للاستعداد للمواجهة الروحية والدينية بكل بسالة وصمود أمام الفكر الضال والمعتقدات الزائفة.