بعد إجراء عملية طلاق توافقية بين الأزواج، تبقى العديد من الحقوق القانونية والمالية ذات الصلة بالزوجة ضمن إطار الشريعة الإسلامية والقوانين المدنية. هذه الحقوق تُضمن حمايةً لها وتُعَدّ حقاً أساسياً لكل زوجة مطلقة بتراضٍ. سنستعرض هنا حقوق الزوجة بعد الطلاق بالتراضي بشكل مفصّل ومبنيّ على القواعد الشرعية والقانونية.
أولاً، من أهم الحقوق التي تحصل عليها الزوجة بموجب عقد الطلاق هي "العدة". عدة المرأة المطلقة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعشرة أيام حسب حالة كل امرأة، سواء كانت عذراء أم ثيبًا. خلال فترة العدة هذه، يتمتع الزوجان بحقوق معينة مثل عدم زيارة النساء لبعضهما البعض وعدم إبرام عقود الزواج الجديدة منهما. كما أنهما ملزمان بتجنب الأمور المثيرة للجنس حتى انتهاء الفترة.
ثانيًا، تأتي قضية النفقة، وهي واجبةٌ على الزوج تجاه زوجته أثناء عدتها وبعدها أيضًا إن لم يكن هناك اتفاق آخر مبرم بينهما. تشمل النفقات معمول الحياة الطبيعي وضروريات المعيشة الضرورية الأخرى كالسكن والملبس والطبابة وغير ذلك مما يناسب حالتهم الاجتماعية.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، تحتفظ الزوجة بحقها في مهري الجزئي كاملاً بناءً على الأحكام الشرعية والقانونية المرعية. هذا المهر جزء أساسي من عقد الزواج وهو ملك خاص بها ولا يجوز استرجاعه برغبتها إلا إذا اتفقا عليه مسبقا بإرادتيهما الحرة. وفي بعض الدول العربية والإسلامية، قد يختلف نوع وحجم مهر الفرقة باختلاف العقود والأحوال الشخصية المختلفة لكل فرد.
وفي الجانب الاجتماعي والنفساني عقب الطلاق، يوجد دور مهم للأهل وأصحاب الرأي والعقل لتقديم الدعم اللازم والتخفيف من آثار الانفصال المؤلمة قدر المستطاع. فقد تحتاج الزوجة المساندة والدعم الروحي والمعنوي للتغلّب على تلك المحنة والبدء بصفحة جديدة بكرامة وثبات نفسي قويم.
كما يُشدد أيضًا على ضرورة مراعاة الأطفال الذين ربما كانوا أحد نتائج الزواج الفاشل. يحظى أبناء الزوجين بمكانة خاصة لدى الله تعالى ولذا يجب العمل بكل حرص للحفاظ عليهم وعلى تربيتِهم التربية الصالحة دينياً وأخلاقيّا بغض النظر عن ظروف طلاقهما المجهدة نفسياً وجسدياً لأحد الأبوين أو لكليهما. لذلك، تعد مشاركة المسؤولية المالية لرعاية الأطفال مسؤلية مشتركة بین والدیهما بما يعكس مدى اهتمامهما بهم وبمستقبلهم البعيد المنشود.
إن فهم شامل لحقوق المرأة المتضررة نتيجة انهيار حياتها الاسرية يساعد المجتمع عموماً وزوجهَا خصوصاً لتخطي مرحلة انتقالية عصيبة نحو مستقبل أفضل يأخذ بنظر الاعتبار كافة الجوانب الإنسانية والشرعية والقانونية المرتبطة بهذا الموضوع الحيوي والحساس للغاية ومن ثم تحقيق العدالة والمساواة المنشودتين داخل نطاق العلاقات الأسرية المُخلّة شرعاً ودون الاكتراث بالقوانين الوضعية فقط واستبعاد أحكام الدين الإسلامي الواضحة والمعروفة عالميا بفائدتها البشرية الواسعة وشموليتها بالحياة اليومية للإنسان المسلم وغير مسلم أيضاً ولكن وفق نهجه الخاص وفق مبادئه الأخلاقية الحميدة المبنية أصلا علي محاربة الظلم وإقرار السلام الداخلي والخارجي للشخص والجماعة مجتمعاته .