سنن ابن ماجه، أحد كتب السنة النبوية الشهيرة، يعد مرجعاً هاماً للعلماء والمحدثين منذ القرن الثالث الهجري. يضم هذا الكتاب مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأحاديث النبوية التي تم تصنيفها وتنظيمها بدقة من قبل الإمام محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه (824 - 897 م).

تأسس العمل بناءً على منهج علم الحديث الدقيق الذي اتبعه العلماء القدامى مثل مسلم وأبي داود والإمام البخاري وغيرهم الكثير. يتألف كتاب "سنن ابن ماجه" من 4556 حديثا موزعة على 11 قسم رئيسي مع تفاصيل فرعية عديدة داخل كل قسم. يتميز ترتيب أبوابه بإحكام وطابع شامل يشمل جوانب الحياة الإسلامية المتعددة بما فيها العقائد والأعمال والشعائر وغيرها.

كان لإبن ماجه نهج فريد عند اختياره للأحاديث وترتيبها. فهو لم يستخدم نفس طريقة الترتيب المستخدمة عادةً بتصنيف الحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلخ... بل اختار نظاماً خاصاً به قاده إلى جمع أحاديث مشابهة ضمن الباب الواحد مما يعطي للقارئ فهماً أكثر شمولية واتساقاً بين المواضيع ذات الصلة. وقد أدى ذلك لوجود تكرارات أقل مقارنة بالأعمال الأخرى للمحدثين الآخرين.

بالإضافة لذلك فإن إبن ماجه معروف بعدله ونزاهته فيما يتعلق بالحفاظ على الصحة التاريخية للأحاديث والتي تعتبر إحدى أهم مزاياه كمحقق للحقيقة التاريخية للشريعة الاسلامية. كما أنه كان حذراً للغاية أثناء عملية الانتقاء والتقييد حتى تضمن عدم وجود رواة طعنوا بهم وبالتالي تأكد من سلامة الرواية الروائية لهذه النصوص الشريفة.

ومع مرور الوقت أصبح "سنن ابن ماجه"، إضافة لأعماله الأخرى كمؤلفاته حول الفرائض، واحداً من الأعمال الرئيسية لعلم الحديث الإسلامي بسبب دقتِه وسعة اطلاعه وحكمته. ويعتبر المؤرخون والمعاصرون جميعًا واحدًا من الأكثر نجاحا وموثوقية وموثوق بها المصادر لفهم التعاليم والنظام العام للإسلام المبنية بشكل أساسي على أقوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته عبر القرون العديدة التالية.