- صاحب المنشور: رزان الحساني
ملخص النقاش:
في القرن الحادي والعشرين، شهد العالم تحولاً كبيراً في توازن القوى على الساحة الدولية. هذه التحولات ليست مجرد تغييرات ديموغرافية أو عسكرية فحسب، ولكنها تعكس أيضاً ديناميكيات اقتصادية وجيوسياسية معقدة. يتأثر النظام العالمي الحالي بعدد من العوامل الأساسية التي تشكل مستقبل العلاقات بين الدول والقوى الناشئة.
### 1. الارتفاع الصيني وتنامي الدور الآسيوي:
الصين، بفضل نموها الاقتصادي المتسارع والنهضة التكنولوجية، أصبحت لاعباً رئيسياً في المشهد الدولي. حيث يعزز نهجها التجاري الاستراتيجي "الحزام والطريق" نفوذها الاقتصادي ويوسع نطاق تأثيرها الجيوستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، تتزايد أهمية آسيا بشكل عام نتيجة لتطور دول مثل الهند والبرازيل وماليزيا وغيرها والتي تساهم مجتمعة بتغيير توازن القوة التقليدي الذي كانت تمارسه أوروبا وأمريكا الشمالية لقرون عديدة.
### 2. التنافس الأمريكي الروسي المحتدم:
على الرغم من الحرب الباردة المعلنة، فإن المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لم تهدأ تمامًا. يظل الإنفاق الدفاعي الكبير لكل منهما مؤشراً واضحا على استمرار هذا التوتر رغم الانخفاض الظاهر لحجم التدخل العسكري المباشر مقارنة بالفترة السابقة للحرب الباردة الثانية. وفي الوقت نفسه، تعمل واشنطن على إعادة هيكلة سياساتها الخارجية نحو الإقليم الأمريكى اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا مرة أخرى وسط رفض روسي شديد لهذه الخطوات.
### 3. التأثير الأوروبي بعد البريكست:
انخفضت الهيبة السياسية لأوروبا منذ خروج بريطانيا منها عبر بريكست؛ فقد كان للمملكة المتحدة دور كبير كمكون أساسي داخل الاتحاد الأوروبى قبل مغادرتها مما أدى لانحسار المكانة الغربية العظمى لصالح قارة تضيق دائرتها حول نفسها أكثر فأكثر بسبب عوامل سياسية واقتصادية متعددة. أما بالنسبة للأمم الأخرى خارج الكتلة الغربية التقليدية، فإنهم ينظرون الآن بإمعان أكبر نحو شركاء جدد خارج المناطق ذات المصالح التاريخية للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبقية أعضاء حلف الأطلسي القدامى الذين ربما تأثروا جميعا بأزمة كورونا المستجدّة الأخيرة عالميًا.
### 4. الديناميكية الجديدة للدول الرائدة حاليا:
إن العديد من الدول الرئيسية اليوم - سواء أكانت تلك الموجودة بالفعل ضمن قائمة المنتجين الرئيسيين للسلع عالية التقنية كالولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية أو حتى بعض الدول الأفريقية الواعدة أم لا- كلها تخضع لنمط جديد من السياسات الحكومية الداخلية والخارجية بناء على أساسيات مختلفة عمّا اعتادت عليه سابقاً أثناء فترة ما يسمى بالعولمة الحديثة وما رافقته من ارتباط وثيق بين مختلف جوانب حياة المجتمع الإنساني المعاصر بداية بالاقتصاد وانتهاء بقضايا البيئة والأمن الغذائي العالمي العام الفريد بكل تفاصيل خصوصيتها الخاصة بهذه الفترة الزمنية الانتقالية الحاسمة التي قد تحدد شكل المستقبل القريب لمنحنى التسلسل الهرمي للقوى العالمية خلال العقود المقبلة إن شاء الله تعالى!
عبدالناصر البصري
16577 مدونة المشاركات