تعد الإبل من أكثر الثدييات شهرة وبروزاً في البيئة الصحراوية القاسية. هذا الحيوان الرائع يتمتع بمجموعة غنية ومتنوعة من مواهبه التي تعتبر إعجازياً خلقه وفق منظور الإسلام. يمكن تقسيم هذه المواهب إلى عدة فئات تشمل قدرتها على البقاء والتكيف، وخصائصها الفيزيولوجية الاستثنائية، بالإضافة لدورها الاقتصادي والثقافي العميق في المجتمعات العربية القديمة والمعاصرة.
فيما يتعلق بالبقاء في بيئاتها الطبيعية الشاقة، تتميز الإبل بقدرتها الهائلة على تحمل الجفاف والعيش بدون مياه لفترات طويلة. ولذلك فهي حيوانات مثالية للعيش في المناطق الصحراوية حيث نادراً ما تتواجد مصادر المياه. كما لديها القدرة على تخزين الدهون تحت الجلد مما يوفر لها الغذاء طوال مدة عدم توفر الطعام. وهذه الخاصية تسمح للحامل بتوفير الطاقة اللازمة لنمو الجنين ودعم عملية الرضاعة بعد الولادة مباشرةً حتى يتاح للرأس خروج الطمث مرة أخرى.
من الناحية الفيزيولوجية، تحتوي عين الإبل على طبقتين تحميان العين من الرياح الرملية والحرارة الشديدة؛ أيضًا تستطيع الإبل تبريد نفسها عبر إفراز الماء من حواف أجسامها والتي تعمل كأنابيب صغيرة تنقل الحرارة خارج الجسم بشكل فعّال. بالنسبة لعيني الإبل، فقد تم تصميمهما بطريقة فريدة لتقليل الضوء المنعكس بسبب كثرة أشعة الشمس فوق سطح الرمال الداكنة. وهذا يخلق منظراً رائعاً وغير عادي لهذه الأعضاء المهمة لدى هؤلاء الحيوانات البدوية الأصلية.
بالإضافة لذلك، فإن دور الإبل ليس مقتصراً فقط على كونها مصدر غذائي وحليب ومصدر للدفع ولكن أيضاً لعبت دوراً رئيسياً في التجارة والنقل التاريخيين. استخدم العرب القدماء والإسلاميون الإبل لنقل البضائع والبشر لمسافات طويلة جداً. وفي العديد من الثقافات الشعبية، تُعتبر رمزاً للمروءة والكرم والشرف – وهو أمر واضح عندما نتذكر قصة النبي إبراهيم - عليه السلام - عند استقبال ضيفاته الكريمات بالإبل ثم تقديمها لهم دعماً لهم خلال رحلة سفرهم الطويل نحو الأرض المقدسة قبل بناء بيت الله الحرام.
وبالتالي، فإن ذكر الإعجاز الخلقي للإبل يدحض الادعاء بأن القرآن مجرد كتاب ديني جامد غير متعلق بالعالم الطبيعي المحيط بنا. بدلاً من ذلك ، فهو دليل قاطع على علمانية الكتاب العزيز وعلاقته الوثيقة بالنظم الرياضية والمبادئ العلمية المتعلقة بكل جزء مفرد من خلق الله سبحانه وتعالى للكون والإنسان والحيوان معاً بحكمة لا حدود لحسن تنظيمها وتناسقها وروعتها!