تعد سورة التغابن، وهي السورة الرابعة والستون في ترتيب المصحف، من السور المدنية التي نزلت بعد سورة "الجمعة" وقبل سورة "الصف". تتكون هذه السورة من ثماني عشرة آية، وتتميز بموضوعاتها المتنوعة التي تهدف إلى تنزيه الله تعالى عن الشريك أو الولد، وتوضيح مظاهر قدرته ومننه على خلقه، ورد على المشركين الذين أنكروا البعث، ومقارنة بين حسن عاقبة الأخيار وسوء عاقبة الأشرار.
تبدأ السورة بمدح الله تعالى وتنزيهه عن كل نقص، حيث يقول الله -تعالى-: "يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (التغابن: 1). ثم تتطرق إلى خلق الإنسان وتنوعه بين الكافر والمؤمن، مؤكدة على بصيرة الله -تعالى- بما يعمل الناس.
وتتابع السورة في وصف قدرة الله -تعالى- في خلق السماوات والأرض، حيث يقول: "خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" (التغابن: 3). كما تؤكد على علم الله -تعالى- بكل ما في السماوات والأرض، وما يسرون وما يعلنون، مشيرة إلى أنه عليم بذات الصدور.
وتتطرق السورة إلى رد على المشركين الذين أنكروا البعث، حيث تقول: "أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ" (التغابن: 5). وتوضح أن سبب ذلك هو إنكارهم للرسل الذين جاءوا بالبينات، حيث يقول: "ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" (التغابن: 6).
وفي نهاية السورة، تقارن بين حسن عاقبة الأخيار وسوء عاقبة الأشرار، حيث تقول: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِ