يعد موضوع حكم إرضاع الكبير أحد المواضيع المهمة التي تناولتها الشريعة الإسلامية، والتي تُعنى بصيانة العلاقات الاجتماعية وحفظ حقوق الأفراد. وقد اتفق العلماء وفقهاء المذاهب الأربعة (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة) على عدم حرمة رضاع الكبير. ودليل ذلك عدة روايات وأحاديث نبوية شريفة.

فقد جاء في القرآن الكريم: "وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ" [البقرة: 233]، مما يشير إلى أن فترة الرضاع المعتادة هي سنتين للأطفال الذين لم يتم فطامهم بعد. كما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: "لا رضاعَ إلّا ما كان في الحَولَيْنِ". وهذا يدل على أن الرضاعة المنظورة شرعاً محصورة في هذه الفترة الزمنية الدنيا.

كما استدل الفقهاء أيضًا برؤي عبدالله ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا رضاع إلَّا ما شدَّ العظم وأنبت اللحم"، حيث يؤكد هذا الحديث على أن الرضعة النافعة هي تلك التي تغذي الجسم وتعزز نموه في مرحلة مبكرة من العمر. وتشير عبارة "شدَّ العظم وأنبت اللحم" إلى حالة الأطفال أثناء عملية النمو والتغذية.

ومن الروايات الأخرى المتعلقة بهذا الموضوع ما ذكره سعيد بن المسيب -رحمه الله- حول قصة سالم مولى أبي حذيفة وسيدته سهلة بنت سهيل بن عمرو، إذ طلبت منه الأخيرة الترضيعة لتحقيق تحريم زواج بينهما لاحقًا. ولكن هناك خلاف بين العلماء بشأن مدى عموميتها وتمييزها عن حالات مشابهة محتملة مستقبلاً. فرأت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها عامة لكل النساء الأخريات، بينما رأى البعض الآخر إنها خاصة بسالم ومحددة بموقف معين صرفًا.

وفي النهاية، توضح الأدلة الشرعية والأقوال الصحاح أنه ليس هناك دليل واضح يشير إلى حرمانية إرضاع البالغين حسب المعايير التشريعية السائدة حين صدور الشريعة الإسلامية. وبالتالي، يمكن الاستنتاج بأن إرضاع الكبير غير محرم شرعاً طالما لم تتضمن مجالس الغيبة والإساءة للآخرين أو خروجًا عن حدود الأدب والأخلاق الحميدة المبنية على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.