سورة السجدة، وهي مكية غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة، تتألف من تسع وعشرين آية أو ثلاثين آية حسب الاختلاف في آخر الآية. وهي سورة مكية، كما ذكر ابن عباس وابن الزبير، باستثناء ثلاث آيات نزلت بالمدينة، كما أشار إليها البخاري.
تبدأ السورة بحروف مقطعة "ألم"، والتي قدّمنا الكلام عليها في سورة البقرة وفي مواضع أخرى من فواتح السور. ثم تأتي الآية الأولى: "تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (2)، حيث يعلن القرآن الكريم نفسه بأنه تنزيل من الله، خالٍ من الشك والريب، وهو من رب العالمين.
وتتابع الآيات لتؤكد على صدق القرآن ورسالته، حيث يقول الله تعالى: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ" (3). ويؤكد الله عز وجل على وحدانيته وقدرته الخالقة في الآية الرابعة: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ" (4).
وتوضح الآيات التالية دور الله في تدبير الأمور من السماء إلى الأرض، ثم عودته إلى العرش في يوم قدره ألف سنة مما تعدون. وتؤكد على وحدانية الله وعدم وجود ولي أو شفيع سواه.
وتختتم السورة بتأكيد على قدرة الله وعظمته، حيث يقول تعالى: "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" (5).
وفيما يتعلق بفضائل هذه السورة، فقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها، منها ما رواه مسلم وأهل السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة بسورة ألم تنزيل السجدة.
وبهذا نكون قد قدمنا تفسيرًا شاملاً لسورة السجدة، مستندين إلى النصوص القرآنية والأ