أصول تسمية الأشهر الحرم وأسباب اعتبارها مباركة في الإسلام

في رحاب الشريعة الإسلامية الغراء، تُعتبر بعض أشهر السنة القمرية محظورة ومباركة؛ إذ يُطلق عليها اسم "الأشهر الحرم". هذه التصنيفات لها جذور عميقة في الث

في رحاب الشريعة الإسلامية الغراء، تُعتبر بعض أشهر السنة القمرية محظورة ومباركة؛ إذ يُطلق عليها اسم "الأشهر الحرم". هذه التصنيفات لها جذور عميقة في الثقافة العربية والإسلامية، وتتعلق ارتباطًا وثيقًا بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. يأتي هذا التقديس للأشهر الحرم نتيجة لمعانيها الدينية العميقة والتزاماتها المرتبطة بحفظ النفس والحفاظ على حقوق الإنسان وحماية السلام والأمن بين الناس.

تعود تسمية الأشهر الحرم إلى الجذور الأولى للتقاليد العربية القديمة قبل ظهور الإسلام. كانت قبائل العرب معروفة بصراعاتها الدائمة والصراع المستمر بسبب هجمات القبائل الأخرى للاستيلاء على مواردها ورحلتها الموسمية بحثاً عن المياه والعشب الطازج لمواشيهم. ومع ذلك، كان هناك اتفاق ضمني بين القبائل المختلفة لتحديد فترة زمنية معينة كل عام تكون فيها الحرب غير مسموح بها لإعطاء فرصة للنوم والاستراحة للجميع. وكانت تلك الفترات هي ما يعرف بالأشهر الحرم.

وفقاً للمصادر التاريخية والمذهبية الإسلامية، فإن الأربعة أشهر الحرم هي ذو القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب. تنفرد شهرتان منهما – ذو القعدة وذي الحجة - بشكل خاص لأن هاتين الشهرين يشكلان جزءا أصيلا من فريضة الحج التي فرضها الله تعالى على المسلمين القادرين مادياً ومعنوياً مرة واحدة خلال حياتهم إن استطاعوا الوصول إلى بيت الله الحرام لأداء الشعائر المقدسة. بالإضافة لذلك، يقع عيد الفطر وعيد الأضحى المباركان أيضًا خلالهما مما يعزز طابعهما الروحي الخاص لدى جميع المسلمين عبر العالم.

أما بالنسبة لشهران المحرم ورجب، فهما يتمتعان بمكانة خاصة أيضاً كونهما ممنوعين شرعاً للسعي نحو الحرب أثناءهما بناءً على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "إنّ زمنَ قتالِكم قد حلَّ، فاقاتلُوا فيه [...] وإنْ خرجتُمْ لحاجةٍ فلا تقتلوه حتى ينتهي رجبٌ". وهذا الحديث يؤكد أهميتهما وصيانتهما وفق تعاليم الدين الإسلامي الصافي.

وفي الختام، تكمن رمزية وغاية تسميات الأشهر الحرم في هدف سامٍ وهو نشر ثقافة السلام والمحبة وتعزيز العلاقات المجتمعية الإيجابية بين أفراد مجتمع مسلم متنوع ومتعدد الأعراق والثقافات. إنها دعوة متجددة لاستخدام الوقت بما يفيد ويعم الحياة بالإتقان والخيرانية بدلاً من الانشغال بالحروب الجدلية وفصل روح الأخوة الإنسانية الضاربة بجذورها العميقة في تاريخ البشر جمعاء منذ القدم.


الفقيه أبو محمد

17997 블로그 게시물

코멘트