في سورة القمر الآية 1، يخبرنا القرآن الكريم بأن "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ"، مشيرا إلى الجمال الخلاب للكون وتخطيط الله الفريد لحمايته. ثم تأتي بعد ذلك الإشارة الربانية العميقة التي توضح قرب قيام الساعة بكلمة واحدة هي "اقتربت الساعة". هذه الآية ليست مجرد تنبيه بل هي رسالة مباشرة تؤكد حدثا تاريخيا مؤثرا: انشقاق القمر.

تعددت التفسيرات حول سبب هذا الحدث الغريب والمثير للإعجاب. البعض يرى أنه كان دليلا على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمام المشركين الذين طلبوا منه تقديم علامة تُظهر صدقه. بينما يقدم آخرون تفسيرا أكثر فلسفية مرتبطا بنهاية العالم وأحداث يوم القيامة. لكن ما يجمع معظم المفسرين هو التأثير العاطفي والإيماني لهذه المعجزة، مما يعيد الناس إلى الاعتبار ويذكرهم بدوام قدرة الله وعظمته.

عودة إلى السياق التاريخي، فإن قصة انشقاق القمر محصورة بشكل واضح خلال فترة الدعوة النبوية المبكرة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة. حسب الروايات الإسلامية الشهيرة، عندما شككت قبيلة "قريش" في الرسول، تحداهم بإثارة معجزة قد تشهد على صدقية دعوته. استجاب الرسول بطلبه من الله إظهار تلك العلامة، فأنقسم القمر نصفين ليراه الجميع ويتأكدوا بأن كلام رسول الله ليس إلا حقاً وصدقاً.

هذه الحادثة لم تكن فقط شاهدا على قوة الرسول وحقيقة برسالته ولكن أيضا كانت درسًا حيّا لأمة الإسلام جميعها في أهمية الأخلاق والتسامح والصبر أثناء مواجهة الشكوك والمعارضة. إنها تعليمات لنا اليوم أيضًا؛ لتذكيرنا بصلاح الطريق وللمساعدة في عملية التعرف على الذات ومعرفة حدود قدرتنا مقارنة بالقدر المطلق لله عز وجل.

وبالتالي، يمكن اعتبار آية "اقتربت الساعة وانشق القمر" ذات تأثير عميق ومتنوع الأبعاد. فهي تقدم لنا فرصة للتوقف وإعادة النظر في حياتنا الخاصة وفي عالمنا الأكبر. وهي تحذرنا من اقتراب النهاية، وتعزيز إيماننا بالقضاء والقدر الإلهيين، وتحثنا على الاستعداد للمستقبل غير المؤكد باستخدام وجود اللحظة الحالية بكل حكمة وصبر وإيمان.