في الإسلام، يحظى حق الوالدين بمكانة سامية ورفيعة للغاية. إن برّهما واجب ديني وأخلاقي عظيم يُعلي من قيم الرحمة والتقدير داخل المجتمع المسلم. وفي المقابل، فإن عقوق الوالدين يعد أمرًا محرمًا بشدة ويحمل معه عواقب أخلاقية ودينية خطيرة.
العقوق لغةً هو الجفاء والقسوة تجاه الوالدين. أما شرعاً، فهو فعل يخالف طاعة الله عز وجل ويعادل كفر النعم التي منحها الله للفرد عبر والديه. لقد حذر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بشكل واضح ومؤثر من ارتكاب هذا الفعل المحرم. جاء في سورة الإسراء الآية رقم 23 "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا". هذه الآية تشدد على أهمية بر الوالدين باعتباره أحد الأوامر الربانية الأساسية بالإضافة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى.
من منظور عميق للأخلاق الإسلامية، يعتبر عقوق الوالدين خيانة لقسم الولاء العائلي وحقوق القربى. إنه ينافي الشعور بالgratitude (امتنان) لما قدمته الأم والأب خلال سنوات طويلة من الرعاية والحماية. كما أنه قد يؤدي إلى قطع العلاقات الاجتماعية وتدمير الوحدة الأسريّة.
ومن الناحية الدينية، هناك العديد من الأدلة الشرعية التي تحث على البر والإحسان للوالدين بينما تدين العقوق وتمتنع عنه بكل حزم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رضى الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"، مؤكدًا بذلك ارتباط رضوان الله تعالى ببرّ والدينا وبالتبعية حرمة عصيانهما وعدم امتثالهما.
بالإضافة لذلك، فقد بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه لن يدخل الجنّة شخص يعق أباه حتى وإن كان مجاهدًا في سبيل الله إلا إذا طلب منه أبوه ذلك وهو راغب فيه! وهذا دليل قاطع على مدى الخطيئة الكبيرة المرتبطة بهذا التصرف غير الأخلاقي وغير المناسب اجتماعياً ودينياً أيضاً.
ختاماً، يمكن تلخيص تفاصيل الموضوع السابق بأن عقوق الوالدين جريمة عظيمة ليس فقط بسبب آثارها النفسية والجسدية المؤلمة التي قد تحدث للإنسان نفسه ولكن أيضًا نظرًا لعواقبه الأخروية الخطيرة والتي تتمثل بغضب الرب والعذاب الأليم يوم القيامة حسب اعتقاد المسلمين الصحيح المستند لمبادئ دينهم التاريخية والموروثة جيلاً بعد جيل منذ ظهور الدعوة الإسلامية الأولى واستمراريتها حتّى اليوم الحاضر مستمرة بإذن الله إلى نهاية الزمان.