البرامكة هي واحدة من الأسر العربية الأكثر تأثيرًا في العصور الإسلامية الأولى. نشأت هذه الأسرة في العراق خلال القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي، وتحديدًا في مدينة الري الواقعة جنوب شرق بغداد الحاليّة. اكتسبوا مكانتهم القيادية بسبب مواهبهم السياسية والإدارية والعسكرية التي أدّت إلى اعتلاء بعض أفرادها مناصب رفيعة داخل الدولة العباسية.
برز اسم "برمك" لأول مرة عندما قبل الخليفة أبو جعفر المنصور خدماته ككاتب له عام 145 هـ /762 م تقريبًا. بعد ذلك سنتجح البرميقيين في توليد دور سياسي كبير تحت حكم خلفاء آخرين مثل هارون الرشيد والمأمون. يُعرف أكثر الأعضاء شهرةً منهم يحيى بن خالد البرمكي والذي كان وزيرًا مؤثرًا ومستشارًا مقربًا لخلفائه المختلفين. لعب دورًا رئيسيًا في توسيع الإمبراطورية العباسية وازدهار العلم والثقافة خلال فترة ازدهارهما المعروف باسم "العصر الدهبي".
لم يكن نجاح البرامة مقتصراً فقط على المجال السياسي والتاريخي؛ بل امتد أيضًا إلى مجالات أخرى كالاقتصاد والفكر والفلسفة والأدب وغيرها الكثير مما ساهم بشكل ملحوظ في تشكيل الثقافة والفنون والحياة اليومية للمسلمين آنذاك. حتى وإن انتهى عصرهم بوفاة يحيى بن خالد البرمكي وسقوط نفوذهم لاحقاً نتيجة الصراع مع المعتصم بالله، فإن إرثهم يستمر عبر أعمال عظيمة خلفتها الأجيال التالية مستمدةً منها إلهامها وحكمة تصرفات تلك الفترة الجليلة. إن دراسة تاريخ البرامة تحمل جوانب عديدة تستحق البحث والاستزادة عنها لفهم أفضل لعظمة الحضارة الإسلامية الغنية بتنوعها وثرائها الفكري.