القدر، مصطلح شائع ومثير للنقاش في الثقافات الإسلامية والفلسفية حول العالم. يشير إلى الخطة الإلهية التي قدّر الله سبحانه وتعالى كل الأشياء فيها منذ الأزل، بما في ذلك حياتنا ومساراتها. هذا المفهوم العميق يلامس جوانب عديدة من الوجود البشري، بدءاً من تحديد مسار الحياة الشخصية حتى التأثيرات المتعددة على المجتمع ككل.
في الإسلام، يُعتبر القدر أحد أهم العقائد، وهو ما يعرف بالتوحيد بالقضاء والقدر. يؤمن المسلمون بأن الله عز وجل يعلم الغيب ويعلم ما كان وما سيكون، وقد قدر الأمور جميعها بموجب حكمته وعلمه المطلقين. هذه النظرة تعزز فكرة الثقة والإيمان بالأقدار الإلهية، مما يساعد الأفراد على التعامل مع تحديات الحياة بثبات وطمأنينة.
ومع ذلك، فإن مفهوم القدر لا يعني فقدان الحرية البشرية أو استسلام المصير. بل إنه يدعم الفكرة القائلة بأنه رغم معرفة النهايات، إلا أن الاختيارات الإنسانية حقيقية وأفعالنا لها تأثير مباشر على نتائجنا. وهذا يمكن رؤيته بكل وضوح في حديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال "إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة". لكن أيضاً أكد النبي أنه "لا ينبغي لمسلم أن يقول هلكت ولكن ليقل: نزل بي رزق ربّي".
إذن، القدر ليس فقط خطة إلهية جامدة غير قابلة للتغيير، ولكنه أيضًا دافع لتحسين الذات والمجتمع والاستعداد للأحداث مستقبلًا بالإيجابية والتفاؤل. إنها دعوة لاستخدام الحكمة والقناعة فيما قسم لنا الله، معتقدين دوماً أن الخير موجود دائمًا ضمن خياراته العليا والحكيمة.