في رحاب التاريخ الإسلامي البكر، برز اسم لامع بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جابر بن سمرة الأنصاري الخزرجي. ولد قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات تقريبًا في المدينة المنورة، مما يجعله أحد الشباب الذين اكتسبوا العلم والمعرفة مباشرةً من فم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كان لجاابر مكانة خاصة لدى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوج الرسول الأولى، والتي كانت تعتبره أحد أبنائها بالتبني.
كان لجبر حضور بارز خلال الفترات الحرجة والحاسمة في تاريخ الإسلام المبكر. شهد غزوة بدر وأحد والخندق وغزوات أخرى، وكان له دور ريادي في نشر تعاليم الدين الجديد. بعد وفاة النبي الكريم، واصل دوره الفعال كراوي لحياة وسيرة النبي، فضلاً عن مشاركته الرائعة في جمع القرآن الكريم تحت إشراف سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه أيضًا.
من أشهر قصصه تلك التي تتعلق بتلقيه الوحي مباشرة منه عز وجل عبر رؤياه أثناء النوم. كما اشتهر بحسن خلقه وعلمه الغزير بما يفوق كثيرًا لوحده ما حمله من علوم متنوعة مثل الطب والشعر والشعر وغيرها الكثير مما جعله مرجعاً مهماً بالنسبة للتابعين ومن جاء بعدهم ممن سعوا للحصول على تراث هذا العصر الذهبي للإسلام العظيم بكل تفاصيله الدقيقة والمفصلة.
بفضل علمه الواسع وتاريخه الحافل بالأحداث المهمة المتعلقة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والدولة الإسلامية الناشئة آنذاك، استمر جابر بن سمرة حتى بلغ التسعين عاماً متمسكاً بروحه الطيبة ودوره التعليمي الحيوي تجاه مجتمعه المسلم. وقد خلف لنا تراثا ثرياً يُعتبر موردا موثوقا ومعبرا حقيقياً لفترة مهملة للغاية وهي مرحلة بداية الدعوة الإسلامية وظهور الدولة الإسلامية الأولى. إن سيرته هي مثال حي يشهد لقيمة الثبات والصمود أمام تحديات الحياة وكيف يمكن للمؤمن الصادق التأثير بشكل عميق ومستدام في المجتمع وفي التاريخ نفسه.