ابن هشام بن محمد بن السائب كاتب عربي شهير عاش خلال القرن الثاني الهجري. يعتبر كتابه "السيرة النبوية"، المعروف أيضاً باسم "سيرة الرسول"، أحد أهم الأعمال التي سلطت الضوء على حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحداثها الرئيسية. هذا العمل الأدبي يلعب دوراً محورياً في فهم التاريخ الإسلامي المبكر وتقديره.
بدأ ابن هشام عمله بتلخيص أعمال سلفيه، الواقدي وابن إسحاق. لكنه لم يكن مجرد مؤرخ بسيط؛ بل كان ناقداً دقيقاً ومحققاً علمياً. سعى إلى تحسين القصة الأصلية بإزالة الأحاديث والأقوال الضعيفة والمعلومات غير المؤكدة. كما قام بتصحيح الأخطاء والتناقضات في روايات السابقة. وبالتالي، فإن نسخة ابن هشام تعد أكثر دقة وثباتاً من النصوص الأخرى المتاحة حول نفس الموضوع.
من جانب آخر، يُظهر لنا ابن هشام قدرات أدبية متميزة في سرد القصص. فهو ليس فقط يسجل الحقائق ولكن يحكي تاريخ رسول الله بطريقة فنية وجذابة. يستخدم اللغة العربية الفصحى بشكل رائع ليعبر عن العاطفة والفلسفة بشكل فعال. وهذا ما جعل "سيرة الرسول" ليس فقط مصدر تاريخي قيم ولكن أيضاً عمل أدبي راقي يجذب القرّاء والمستمعين حتى اليوم.
في نهاية المطاف، يمكن اعتبار ابن هشام حارسًا أمينًا للتراث التاريخي الإسلامي. لقد ترك بصمة واضحة لن تتلاشى مع مرور الوقت، وذلك بسبب شغفه بالدقة والصدق والإبداع الأدبي الذي وضحته سيرته للرسول الكريم -محمد صلى الله عليه وسلم-.