الحمد لله الذي فضّل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلى مكانتهم، وأعلى قدرهم. إن أقوال الصحابة رضي الله عنهم هي مصدر ثقة في التفسير والعقيدة والأحكام، وذلك لعدة أسباب. أولاً، لأن القرآن نزل فيهم والرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، وشاهدوا وقائع وأسباب النزول. ثانياً، لأن القرآن نزل باللغة العربية، وهم أعلم الناس بلغة العرب وأفصحهم.
وقد أثنى الله تعالى على الصحابة في كتابه الكريم، وأخبر أنه رضي عنهم، بل أخبر أنه رضي عمن اتبعهم وسار على طريقهم. كما توعد سبحانه من سلك طريقاً غير طريقهم بأنه سيدخله جهنم. لذلك، فإن أقوالهم في التفسير والعقيدة والأحكام هي في القمة، وإذا أجمعوا على شيء حرمت مخالفتهم.
قال ابن كثير رحمه الله: "إنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصحيح". وقال ابن القيم: "لا ريب أن أقوالهم في تفسيرهم أصوب من أقوال من بعدهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع".
أما تخريج أقوال الصحابة، فإنها مبثوتة في كتب السنن ودواوين الإسلام، كالكتب الستة ومصنف عبد الرزاق وموطأ مالك ومسند أحمد وكتب ابن عبد البر، وغيرها من الكتب المعلومة.
ومن الجدير بالذكر أن علماء السلف قد اهتموا بهذا الباب الجليل، وصنفوا فيه، وأظهروا عقيدتهم القوية الصافية من شوائب البدع، وأكدار الخرافات، وعلائق المنكرات في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد اهتموا بتأليف الكتب المؤلفة في الصحابة عموماً، أو تأليف وتحقيق أي مسألة من المسائل المتعلقة بهم خصوصاً.
وفي الختام، فإن الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة - رضوان الله عليهم جميعاً - متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنصوص الشرعية - من الكتاب والسنة - الدالة على فضلهم كثيرة ومتنوعة. نسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم وتحت لوائهم.