عبد الله بن الزبير، الخامس بين سلسلة الخلفاء الراشدين، يمثل فترة مهمة ومؤثرة في التاريخ الإسلامي. ولد ابن الزبير عام 624 ميلادي في مكة المكرمة، وهو ينحدر من عائلة ذات مكانة عالية في المجتمع القرشي قبل ظهور الإسلام.

كان لأبيه -الزبير بن العوام- دور بارز في معارك المسلمين الأولى تحت قيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بينما كانت والدته أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، إحدى أول النساء المسلمات وأحد أقرب المقربين للنبي الكريم. هذا التربية النبيلة غرست فيه حب الدين والعلم منذ طفولته المبكرة.

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، انضم عبد الله بن الزبير إلى صفوف الجيش خلال الفتنة الكبرى التي نشبت بعد خلافة عمر بن الخطاب. برز كرمز للشجاعة والقوة أثناء هذه الأحداث المضطربة، مما جعله شخصية محورية في تاريخ المملكة العربية السعودية.

في عهد الإمام علي بن أبي طالب، تولى مسؤوليات كبيرة مثل إدارة مدينة البصرة ومعركة الجمل الشهيرة ضد زوجة الرسول أم المؤمنين عائشة ومعاوية بن أبي سفيان. وبعد مقتل الإمام علي، دعم ترشيح ابنه الحسن لخلافة المسلمين ولكنه لم يدعم حرب أهلية أخرى عندما تنازل الحسن لصالح معاوية.

مع نهاية حكم معاوية ووصوله للخلافة الأموية، بدأت مرحلة جديدة بالنسبة لعبد الله بن الزبير. اختار الانعزال والاستقرار بالمقدسة مع التركيز على حفظ القرآن وتعاليم الدين الإسلامي. لكن وضع المدينة قد تغير كثيرا بسبب السياسات الجديدة للحكام الجدد، خاصة فيما يتعلق بمكانة بيت الله الحرام وحرمته. قرر بن الزبير تحدي السلطتين الأموية والعباسية عندما رأى انتهاكاتهما لهذه المقدسات الدينية.

أعلن نفسه خليفة مستقلا عام 71 هـ/691 م واستمر حكمه لمدة عشر سنوات تقريباً حتى سقوط المدينة المنورة أمام قوات هشام بن عبد الملك سنة ثمانون للهجرة وفقاً للتاريخ التقويمي الإسلامي المعروف بتقويم الهجري.

على الرغم من قصره نسبياً بحسب التصنيف التقليدي للإمارة، فإن الفترة التي قضيتها داخل حدود مملكته حملت أهمية ثقافية واجتماعية عميقة أثرت بشكل كبير على مسيرة العالم الإسلامي نحو المستقبل.