بيت المال هو مؤسسة اقتصادية مهمة ظهرت ضمن النظام الاقتصادي للدولة الإسلامية منذ بداية العصور الأولى للإسلام. يأتي مصطلح "بيت المال" من القرآن الكريم، حيث ورد ذكرها في سورة الأنفال الآية 41 التي تقول: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين". يعتبر بيت المال صندوقاً مركزياً لجمع وتوزيع الثروات العامة في الدولة الإسلامية.
في الفقه الإسلامي، يُعرف بيت المال بأنه المكان الذي تُودع فيه الأموال العامة التي تجمع من الزكاة والخمس والإتاوات والجبايات وغيرها من موارد الدخل العام للبلاد. كانت هذه الأموال تستخدم بشكل رئيسي لدعم الفقراء والمحتاجين ورعاية الأيتام والعجزة والمساكين. كما أنها توفر الدعم للمجهود الحربي والدفاع عن البلاد ضد الغزوات الخارجية.
كان هدف إنشاء بيت المال تعزيز العدالة الاجتماعية وخلق مجتمع متماسك ومتكاتف. فقد قام بتوزيع الثروات بطريقة عادلة ومنصفة بين جميع فئات المجتمع بما يحقق الرخاء والاستقرار. بالإضافة إلى دوره كصندوق للإنفاق الحكومي، لعب بيت المال دوراً مهماً في تنمية البنية التحتية والبرامج التعليمية والصحة العامة.
التطبيق العملي لبيت المال كان فعّالاً خلال حكم الخلافة الراشدة وبداية العصر الأموي عندما تم تحديد معايير واضحة لاستخدام أمواله. ومع ذلك، قد اختلفت آليات إدارة بيت المال باختلاف الفترات والتقاليد السياسية لكل دولة إسلامية. يبقى بيت المال رمزاً حيوياً للتكامل الاجتماعي والاقتصادي والعدالة في الشريعة الإسلامية.