نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتٍ عريقٍ يعود نسبه إلى هاشم بن عبد مناف. ولد عام الفيل، وهو العام الذي رافق محاولة الأبرهة الحبشي غزو مكة المكرمة. تُوفّي والدُه أبوه عبد الله أثناء حملها، وتوفيت بعد بضعة أيام أمّه آمنة بنت وهب عندما كان عمره ست سنوات فقط. ترك وراءهما جدّه عبد المطلب الذي تولى مهمّة رعايتِه حتى توفي أيضاً بعد ذلك بسنتين. ثم انتقل لرعاية عمه أبي طالب الذي أصبح له كالأب الحاني.
تعرض الطفل محمد لصدمات حياتية عديدة مبكرًا لكن هذه الظروف القاسية لم تؤثر سلباً على شخصيته. بدلاً من ذلك، اكتسب قوة تحمل وصبر جعلت منه رجلاً رحيم القلب ومتسامحا منذ سن مبكرة جدًا. عمل مع الجمال ومع التجار المحليين مما أكسبه خبرة واسعة بالحياة العملية والأخلاق الحميدة للقبيلة العربية آنذاك. كما أمضى فترة طويلة يرعى الغنم ورعى قوافل تجارية لأرباب العمل المختلفين. كل تلك التجربة شكلت أساس تقديس الناس لشخصيته لاحقاً وأثرت بشكل عميق على رسالته الدينية القادمة والتي سيعلن عنها فيما بعد للعالم جمعاء خلال دعوته للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
على الرغم من عدم وجود التعليم الرسمي آنذاك إلا أنه تميز بطيبة قلبه وحكمته ودماثة خلقه. كان يُلقب بحافظ الوادي لأن العرب كانوا يضعون وثائقهم المهمة عند خلوتهم بين جبلين حيث يستطيع حمايتها بدون مقابل لما عرف عنه من صدق وأمانة واحترام للأديان الأخرى الموجودة وقتها مثل اليهودية والمسيحية. هذه الصفات الإنسانية العظيمة هي جزء أساسي مما جعله مستعد لتحقيق سعادة البشرية عبر الدعوة للإسلام.