الحرية في الإسلام ليست مطلقة ولا مقيدة تمامًا، بل هي مقيدة بموافقة الشرع، مما يحفظ كرامة الإنسان ويمنع استغلاله. الإسلام منهج وسط بين الإفراط والتفريط، فقد جاء لضبط الأمور وتنظيمها، بما يحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
في الجاهلية، كانت المرأة مثلاً مسلوبة الإرادة، ممنوعة من التصرف، مهضومة الحق في التصرف وامتلاك المال. لكن الإسلام أعطى المرأة حقوقها وحفظ كرامتها، مع وضع ضوابط تحميها من الاستغلال. فمثلاً، اشتراط الولي في النكاح يهدف إلى حماية المرأة من الضرر.
الحرية في الإسلام مقيدة بموافقة الشرع، حتى لا تختلط الأمور ولا تضطرب، وحتى لا يفسد نظام الكون. ومن هنا جاء أصل أصيل وفريضة من فرائض الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
الحرية في الإسلام تعني أن تتصرف في كل أمر مشروع لك وليس فيه تعد على حقوق الآخرين ويكون داخلا ضمن عبوديتك لربك وامتثالك لأمره ونهيه. فالإنسان حر في تنظيم حياته وفقًا لما شرعه الله له، سواء أكانت تلك الحرية فيما يتعلق بنفسه أو جسمه أو ماله أو عرضه يتصرف فيها في حدود ما شرعه الله له أو كانت فيما يتعلق بغيره في معاملاته الدنيوية أو الدينية.
أما الحرية في مفهوم الجاهليات قديما وحديثا فهي الظلم في القديم كما قال الشاعر: "والظلم من شيم النفوس... فإن تجد ذا عفة فلعله لا يظلم". وفي مفهوم الجاهليات الحديثة، خاصة في الدول الغربية، غالبًا ما تُفهم الحرية على أنها الانفلات من كل القيود، مما يؤدي إلى الفوضى والإباحية.
في الإسلام، الحرية مقيدة بالشرع لتحقيق التوازن والعدالة بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع. فالإسلام لا يقر بحرية الفرد أو الجماعة التي تهدد سلامة النظام العام أو تقوض أركانه، ولا التي تفوت حقوقًا أعم منها، ولا التي تؤدي إلى الإضرار بحرية الآخرين.
بهذا، نرى أن مفهوم الحرية في الإسلام هو مفهوم متوازن ومحدد بضوابط شرعية تحفظ كرامة الإنسان وتحقق سعادته في الدنيا والآخرة.
