كان عمر بن عبد العزيز، الذي يُعتبر أحد أبناء عمومة الخلفاء الأمويين، شخصية بارزة خلال فترة حكم الدولة الإسلامية. ولد عام 61 إلى 62 هجرياً (681-720 ميلادياً) وتوفي عندما كان يبلغ من العمر خمس وأربعون سنة فقط. رغم أنه قضى معظم حياته في ظل الحكم الأموي، إلا أنه ترك بصمة لا تمحى بسبب نهجه الفريد والإصلاحات التي قادها أثناء خلافته القصيرة ولكن المؤثرة للغاية.
بُعيد وفاة الوليد بن عبد الملك، تولّى عمر بن عبد العزيز المنصب الأعلى في السنة الثمانين للهجرة (700 م). وفي بداية عهده، اتخذ قراراً حاسماً بتبييض ذمته المالية بشكل كامل قبل أن يستلم الخلافة. هذا العمل النادر للشجاعة والكرامة لم يكن سوى مؤشر مبكر لما سيأتي لاحقاً تحت قيادته.
خلال فترة حكمه البالغة أقل من سنتين ونصف، قام عمر بإجراء إصلاحات جوهرية أثرت مباشرة على حياة الناس اليومية. بدأ بتطبيق العدالة الاجتماعية عبر تعزيز نظام القضاء ووضع قوانين تحمي حقوق الفقراء والمغلوب عليهم. كما شدّد أيضاً على أهمية التعليم العام والتزكية الروحية بين الشعب.
إصلاحاته الاقتصادية كانت لها تأثير كبير أيضاً. فقد عمل جاهدًا لمعالجة مشكلات الضرائب والجبايات الباهظة والتي كانت تؤثر بشكل غير متناسب على الطبقات الدنيا من المجتمع. بالإضافة لذلك، سعى لتوزيع الثروة بطريقة أكثر عدلاً، مما أسهم في زيادة الرضا والاستقرار social داخل البلاد.
في المجال الديني، عزز عمر دور العلم الشرعي والقضاء الإسلامي وفقا للكتاب والسنة المطهرة. وقد اشتهر بسيمائه المتواضع وحكمته الحازمة، وهو ما جعله محبوباً ومحترمًا لدى الكثيرين خارج نطاق السلطة الرسمية أيضًا.
وعلى الرغم من رحيله المبكر نسبيًّا بعد مرض قصير نسبته بعض المصادر الشائعة إليه ضغط السماء نتيجة أخلاقه العالية وعلمه الغزير، فإن تراثه الفكري والعقدي السياسي له صدى واسع حتى يومنا الحالي ويستند عليه العديد ممن يرغبون بمناقشة آليات الإدارة الحكومية الحديثة والأخلاق السياسية. إن اسم عمر بن عبد العزيز يبقى رمزاً للإخلاص والنزاهة والحكمة عند الحديث حول الأمور المرتبطة بالإدارة العامة والفلسفة الأخلاقية للجهات التنفيذية بشكل عام.