مدّة حياة النبيّ سليمان عليه السلام وفق الكتاب المقدَّس والإجماع الإسلامي

وفقاً للسرد القرآني والسيرة النبوية المشرفة، عاش النبي سليمان بن داود -عليهما السلام- فترةً طويلةً جعلته يُعتبَر أحد أطول الأنبياء عمراً بين الخلائق ك

وفقاً للسرد القرآني والسيرة النبوية المشرفة، عاش النبي سليمان بن داود -عليهما السلام- فترةً طويلةً جعلته يُعتبَر أحد أطول الأنبياء عمراً بين الخلائق كافةً. وعلى الرغم من عدم وجود تاريخ دقيق محدد لعمره حسب الشريعة الإسلامية، إلا أنه يمكن النظر إلى الروايات التاريخية لتقديم تقدير تقريبي بناءً على أدلة متعددة.

في القرآن الكريم، يذكر الله تعالى في عدة سور قصة نبيه سليمان وملكة سبأ، بالإضافة إلى بعض العلامات التي تدل على طوله العمر. يقول سبحانه وتعالى في سورة النمل الآية رقم 15: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ". هذه الآية تشير ضمنياً إلى أن سليمان خلف أبيه داود بعد وفاته وبالتالي أصبح ملكاً مكرماً. كما يؤكد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري عن زيارة جبريل لسيدنا محمد وأخذ صورة تفصيلية للحياة الدينية للأنبياء السابقين بما فيها عمر النبي سليمان.

أما بالنسبة للمصادر اليهودية والمسيحية، فتقدم روايات مختلفة حول مدة حياته. وفقاً لبعض التفاسير المسيحية المبنية على القصص الموجودة في سفر أخبار الأيام الثاني والأخبار الأولى، فإن سليمان حكم لمدة 40 عاماً، وخلال السنوات الـ20 الأخيرة منه كان قد عزله ابنه رحبعام بسبب كبر سنّه واضطرابه العقلي بحسب تلك الرواية. بينما يشير كتاب الأول ملواخي أيضاً إلى أن سليمان قد مات وهو بعمر الـ66 سنة فقط. ومع ذلك، يندرج هذان الرقمان تحت خانة الاحتمالات وليس الحقائق المؤكدة بالنظر لنقص الوثائق المتاحة لدينا حالياً.

وفي المقابل، يدعم الإجماع العام داخل الثقافة الإسلامية فكرة طول عهد النبي سليمان بشكل كبير جداً مقارنة برؤساء عصره غير المنقولين. وقد ذكر العديد من المفسرين المسلمين أمثال ابن كثير وابن عباس وغيرهما مدى اتساع دولته واتساع معرفته وعلمه الواسع خلال حياته الطويلة نسبياً لهذه الفترة الزمنية. لذلك، استناداً لكل الأدلة السابقة والمعتقدات الراسخة لدى العلماء المسلمون القدامى والحاليون، يبدو الظاهر أكثر ترجيحاً بأن عمر النبي سليمان عليه السلام تجاوز بكثير متوسط متوسط عمر البشر المعاصر له آنذاك مما يعزز فرضية كونها واحدة من أطول المدد الحياتية مسجلاً للأنبياء عليهم جميع الصلاة والتسليم.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات