في سياق الفلسفة الإنسانية والأخلاقيّة، تعتبر عبارة "من قال هلك الناس فهو أهلكهم" واحدة من العبارات التي تستدعي التأمّل العميق. تعكس هذه المقولة نظرة قاتمة وميؤوس منها تجاه الآخرين والمجتمع ككل، وتشير إلى أن الشخص الذي يعلن حالة الهدم العام قد يساهم بشكل غير مباشر في تحقيق هذا التوقع السلبي. إنها دعوة للتفكير فيما إذا كان بإمكان الأفكار والسلوكيات القائمة على اليأس والتشاؤم أن تلعب دوراً في خلق الواقع الذي نخشاه.
إن الاعتقاد بأن الجميع متشابهون وأن العالم مكان مظلم وخانق يمكن أن ينتج عنه عزلة وانخفاض الثقة بين أفراد المجتمع. وهذا بدوره يؤدي إلى انحلال الروابط الاجتماعية وبالتالي زيادة احتمالية اضطرابات اجتماعية أكثر خطورة. فالجماعات الإرهابية وغيرها من المنظمات المتطرفّة غالباً ما تستخدم مثل هذه الرؤية الملتبسة لتغذية مشاعر الخوف والكراهية داخل مجتمعاتها الخاصة ثم توجيه تلك المشاعر نحو الخارج.
ومن ناحية أخرى، فإن نشر الأمل والإيجابية يعد استراتيجية فعّالة ضد دوائر اليأس والنقد المستمر. عندما نركز على إنجازات الأشخاص وأفعالهم الطيبة، حتى ولو كانت صغيرة، فقد نساعد في تشكيل بيئة صحية ومنفتحة للتطور الشخصي والنمو الاجتماعي. بالإضافة لذلك، التشجيع والحث على العمل الجاد وتحقيق الذات هما عاملان أساسيان لرفع معنويات الأفراد والدفع بهم للمشاركة بنشاط في تحسين حالتهم وحال الآخرين كذلك.
وفي النهاية، يتطلب الأمر نهجاً معتدلاً ومتوازناً عند التعامل مع مفهوم "الهلاك". فالتركيز الزائد على الجانب السلبي قد يقودنا مباشرة إليه بينما الأخذ بالأسباب والعيش بحكمة ودعائم إيمانية يمكن أن يعززان قدرتنا على مقاومته والبقاء بصحة جيدة نفسيًا واجتماعيًا. ولذلك، فإن قول "هلك الناس" بدون دليل واقعي قابل للملاحظة ليس فقط جنوح بلا رصيد ولكنه أيضًا عمل سلبي يمكن أن يساهم في تفاقم وضع مخيب للأمل بالفعل. إن مسؤوليتنا كمواطنين وكمسلمين هي زرع بذور الأمل والصمود في مواجهة الشدائد وليس الاستسلام لها وإعلان فنائها كما لو أنها حقيقة ثابتة.