كان تعامل رسول الإسلام، النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع غير المسلمين - سواء كانوا يهوداً أم نصارى - مثالاً بارزاً للرحمة والتسامح والإنسانية. رغم الاختلافات الدينية الشديدة التي كانت قائمة بين العرب المسلمون وغيرهم آنذاك, لم يمنع ذلك النبي الكريم من التعاطي بتواضع وحكمة.
في المدينة المنورة بعد الهجرة، أسس النّبي مجتمعاً متعدد الثقافات والدينيات تحت سقف واحد. لقد وقع عقد "الصُّلح" الشهير مع قبيلة اليهود الخزرجيين الذين هم سكان المدينة آنذاك. هذا العقد تضمن حقوق وواجبات كل طرف بما فيها الحرية الدينية والعدالة الاجتماعية. كما حرص الرسول على حماية الآخرين حتى لو كانوا مختلفين عنه دينياً؛ فمثلاً عندما هاجمت قريش مكة وأحرقت بيوت أهلها، أغاث المنافقون والمؤمنون منهم وكان منهم بعض اليهود أيضاً.
بالنسبة للمسيحيين، فقد عرف عن الرسول مودته لهم والتي ظهرت بشكل واضح خلال حديثه عن عيسى بن مريم في القرآن الكريم باعتباره رسولا نبيا موقرا لدى الله سبحانه وتعالى. وكذلك عند لقائه بالسيدة مارية القبطية ومولد ابنه إبراهيم منها مما يعكس مدى احترامه لتلك الأديان الأخرى ورغبته في نشر السلام والحوار بين كافة البشر بغض النظر عن خلفياتهم الدينية.
وبهذا يمكن القول بأن نموذج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التعايش السلمي مع الجاليات المختلفة يشكل دعوة مستمرة للأجيال اللاحقة لتحقيق العدالة واحترام الحقوق الإنسانية الأساسية لكل الناس بدون تمييز.