كان زيد بن حارثة رضي الله عنه أحد أبرز صحابة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وأحد أصحاب الشأن العظيم الذين تلتصق سيرتهم بحياة النبي الكريم وتاريخ الدعوة الإسلامية الأولى. ولد زيد قبل بعثة الرسول بثلاث عشرة سنة تقريبًا، وكان أول مولود ينشأ ويتم تربيه داخل المجتمع المسلم في المدينة المنورة بعد هجرة المسلمين إليها عام 622 ميلادي.

يتمتع زيد بمكانة خاصة لدى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان أحد أبنائه بالرضاع، مما أدى إلى ارتباط وثيق بينهما تجاوز حدود القرابة البيولوجية. هذا الارتباط جعله أكثر قرباً للنبي، حتى إنه كان يُلقب بـ "ابن رسول الله" بسبب هذه الرابطة الفريدة.

كان لزيد دور بارز في العديد من الأحداث التاريخية التي شهدتها فترة البعثة المحمدية. لقد ساهم بشكل كبير في الانتصار الإسلامي في غزوة مؤتة عندما تولى قيادة الجيش خلفًا لأنس بن النضر -رغم أنه أصغر سنًّا منه-. كما شارك في فتح مكة المكرمة وفي الفتوحات الأخرى مع خالد بن الوليد والأتابك عمرو بن العاص وغيرهما ممن كانوا يقودون جيوش المسلمين خارج شبه الجزيرة العربية آنذاك.

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ظل زيد ملتزمًا بتعاليم الدين الإسلامي ومعلماً للشريعة والقانون الجديد للمسلمين الجدد حول العالم آنذاك. وقد توفي رحمه الله تعالى إثر مرض ألم به أثناء عودته من حملاته الدينية والتبشيرية بإفريقيا الشمالية الغربية. ترك لنا تراثًا واسعًا يشمل رواية الحديث النبوي وشهادات عاشها شخصيًا خلال حياته المشرفة جنباً إلى جنب مع النبي الأمين وخير البرية جمعاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.