في رحاب هذا الكون الواسع الشاسع، يبرز جمال تصميم خالق متفرد، يكشف لنا عن جانباً من عظمتِه وعظمته التي تتجلّى في تفاصيل خلقه بدقة وإبداع فائقَيْن. إن دراسة مظاهر هذه العظمة عبر مختلف جوانب الكون تُؤكد بلا شك القدرة الإلهية والخطة الحكيمة للمُبدع الأوحد سبحانه وتعالى.
تبدأ الرحلة عند النظر إلى البنية الدقيقة للنجوم والكواكب؛ فأوجه التشابه بينهما وبين مصانع الإنسان تعتبر دليلاً واضحاً على عبقرية التصميم وسعة العلم لدى خالق الكون. كل جسم سماوي يتمتع بنظام محكم يعمل بكفاءة وانسجام مطلق، مما يدل على قدرة تحكم دقيقة ومتناهية الصغر قد لا يستوعبها البشر تماما.
وفي مجاله الأرضي أيضاً، نرى إتقانا فنياً في تنظيم الحياة النباتية والحيوانية بشكل يحقق توازن بيئي مترابط ومعقد للغاية. كيف يمكن لتنوع مدهش كهذا في أشكال وأنواع الكائنات الحية جميعها أن يعيش ويتفاعل بصورة سلسة ومنسجمة؟ إنها حقا معجزة تدفع المرء للتأمل والتدبر فيما حوله وإعطاء الفضل لكل ذي فضل.
أما المناظر الطبيعية فهي لوحة واسعة تزدان بالألوان وتكتسي بالنباتات المتنوعة، وهي شهادة أخرى على براعة خلق الله وتفرده. كل قطرة مياه وكل غصن ورقي تعكس مدى الحرص والإتقان في عمله عز وجل. حتى أصغر التفاصيل مثل زخارف الرمل والحجر تحمل دلائل جمالية فريدة ومذهلة للعقل البشري المنقب عن آيات الخالق في مخلوقاته.
إن اكتشاف أسرار النظام البيولوجي داخل أجسامنا يؤكد أيضا قوة القوة الإلهية وخارقيتها. الجهاز المناعي المعقد والدقيق الضخم مثالا على ذلك، وهو نظام دفاعي مذهل ضد الأمراض والعوامل الخارجية الخطيرة الأخرى. إنه عمل هندسي معجز يزود الجسم بحماية مستمرة رغم تعرضه المستمر للملوثات والمسببات المختلفة للأذى الجسدي والجيني.
وبالنظر إلى الآفاق التالية لهذه الانطباعات الأولى، فإن عالم الفلك الحديث وما توصل إليه من نظريات بناء النجوم واستمرار وجود المجرات مفتوح أمام المزيد من الاكتشافات المثيرة للإعجاب والتي تعزز رؤية عبقرية وهيبة الذات الأعلى بطرق جديدة لم تكن ممكنة قط إلا بوسائل علمية وفكرية حديث المعايير والمعرفة الإنسانية المطرد تسارع نحو كشف الغطاء عنها شيئا فشيئا بتقدم يزداد سرعة وحضورا يوم بعد يوم!
وبذلك يظل الكون شاهداً حيّا ودليل قاطع على ألوهية مصدر الوجود وغيبانيته الذين جعل مسراه هذا العجبَ الأكبر نتأمله ونستشعر فيه بعض طيف عظيم سلطانه وجلاله جلَّ ثناؤه وأعلى مقامه...