يعتبر مفهوم البعث والجزاء أحد أهم أسس العقيدة الإسلامية التي تبشر البشرية بمستقبل مليء بالأمل والحساب النهائي أمام الله تعالى. هذا المبدأ يشير إلى الاعتقاد بأن كل نفس ستبعث بعد الموت وتقف أمام رب العالمين لتخضع للحساب والثواب أو العقاب بناءً على أعمالها وأفعالها خلال حياتها الدنيا.
في الإسلام، يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على ضرورة الإيمان بالبعث والحساب كشروط رئيسية لدخول الجنة ونجاة النفس من عذاب النار. يقول الله عز وجل في سورة الحاقة: "أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ". وهذه الآية تعبر عن الرصد الدقيق لكل صغيرة وكبيرة يقوم بها الإنسان، مما يدفع المؤمن للالتزام بطاعة الله واجتناب معصيته.
كما أكد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية الإيمان بالآخرة، قائلاً: "إن أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته... فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر..." الحديث رواه الترمذي وابن ماجه. هذه الرواية تحمل رسالة واضحة حول تأثير الصلاة والصالحات الأخرى على مصير الفرد الأخروي.
بالإضافة لذلك، تتضمن كتب التراث والفقه تفسيرات غنية حول طبيعة الحياة الآخرة والعقوبات المختلفة التي قد تواجه النفوس غير المتقيّة وفق الشريعة الإسلامية. لكن الأمر الأكثر إلحاحاً هنا هو التشديد المستمر على الفرصة الثانية المقدمة للإنسان عبر التوبة الصادقة والتزام الطاعات قبل حلول ساعة المنية، حيث أنه بإمكان المرء تغيير مساره نحو الخير مهما بلغ سوء فعله سابقاً، كما ورد في قوله تعالى: "إِنَّ اللّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم".
وفي نهاية المطاف، يبقى الإيمان بالبعث والجزاء مصدر سلام داخلي للمؤمنين الذين يعيشون حياة متوافقة مع الوحي الرباني، إذ يقنعونه بأنه حتى أحلك الظروف في الحياة اليومية لن تستطيع محو بصمة الأعمال الصالحة، ولن يتم تجاهلها عند مواجهة الحق الواحد والأحد يوم الحساب القريب والمحتوم.