كان لسلوك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بتناول الطعام والشراب تأثير عميق ليس فقط على صحته البدنية ولكن أيضًا على أخلاقه الروحية والمعنوية. يمكننا التعلم الكثير من طرقه وصفاته التي نقلت إلينا عبر الأحاديث النبوية الشريفة.
بدأ النبي يومه بالصلاة الصبح ثم الإفطار بماء الزهوم، وهو الماء المخلوط بالحليب، مما يعكس أهمية الترطيب والاستعداد للصيام خلال النهار. كما ركز بشدة على النوعية بدلاً من الكميات عند تناوله الطعام؛ فكان يستمتع بفواكه الموسم المختلفة مثل الرمان والتمر والخوخ، بالإضافة إلى زيت الزيتون والحبوب الكاملة. هذا النظام الغذائي المتنوع والمناسب لم يساعد فقط في الحفاظ على صحته الجسدية بل عزز أيضاً ارتباطه العميق بالأرض وتقديره للموارد الطبيعية.
فيما يخص الوجبات الرئيسية، اتبع النبي سنة الانضباط الذاتي والعقلانية. كان ينهي وجبته قبل الشعور بالامتلاء بشكل مفرط، للتأكد من عدم الضغط الزائد على الجهاز الهضمي. وكان يؤدي الصلاة بعد كل وجبة مباشرة لإظهار الامتنان لله سبحانه وتعالى ولتذكر القيم الإنسانية مثل الاعتدال والكرم. هذه العادة ليست مفيدة للجسم فحسب، بل تعزز أيضا التواصل الاجتماعي والقيم الأخلاقية المرتبطة بالمشاركة المجتمعية.
بالإضافة إلى ذلك، دعا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دائماً للتوسعة في تقديم الطعام لأهل بيته وأصحابه ومحتاجي المساعدة. إن سخائه وكرمه مثال حي لتعزيز روح الخير والإحسان بين الناس. وقد حثّنا على فعل نفس الشيء عندما قال "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". وبالتالي فإن طريقة تناوله لشربه وطعامه لهما جوانب روحية ومعنوية هامة تتجاوز مجرد الاحتياجات الفسيولوجية للإنسان. إنها تشير إلى كيفية دمج الحياة اليومية مع التدين والأخلاق الإسلامية ليعيش المرء حياة أكثر توازنًا وسعادة.