الصلاة في المسجد الحرام، الذي هو أول بيت وضع للناس، لها مكانة خاصة في الإسلام. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف أن "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمئة صلاة". هذا الحديث يسلط الضوء على الفضيلة الكبيرة للصلاة في المسجد الحرام، حيث يضاعف الأجر فيها.
أجمع الفقهاء على أن الصلاة في المسجد الحرام تعادل مئة ألف صلاة، وهذا الأجر يشمل جميع الصلوات، سواء كانت فرضاً أو نافلة. أما بالنسبة لمساحة الحرم التي تشملها هذه الفضيلة، فقد اختلف الفقهاء. فالحنفية والمالكية والشافعية وغيرهم من العلماء يرون أن الحرم يشمل كل حرم مكة، مستندين إلى الآية القرآنية "والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواسية العاكف فيه والباد". بينما يرى البعض الآخر أن المراد بالمسجد الحرام هو مسجد الجماعة الذي لا يجوز للجنب دخوله والجلوس به، مستندين إلى حديث الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي ذكر فيه لفظ "المسجد".
ورد في السنة النبوية أيضاً أن "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى". هذا الحديث يدل على حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على شد الرحال إلى المسجد الحرام لأهميته وفضله وعظيم أجر الصلاة والعبادة فيه.
بالنسبة لحكم من نذر الصلاة في المسجد الحرام، ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن من نذر الصلاة في المسجد الحرام يجب الإيفاء بهذا النذر، فلا يسقط عنه النذر بالصلاة في مسجد آخر. بينما قال المالكية: يجب الإيفاء بهذا النذر؛ لكن إن تعذر ذلك يصح أن يصلّي من نذر ذلك بالمسجد النبوي ويكون أدّى نذره. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا حرج من الإيفاء بهذا النذر بالصلاة بأي مسجد.
في الختام، الصلاة في المسجد الحرام لها فضائل عظيمة وأجر مضاعف، وهي تستحق شد الرحال إليها كما حثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.