ورد ذكر الذباب بشكل بارز في سورة الحج، تحديدًا في الآية 73، حيث يؤكد القرآن الكريم على العجز المطلق للأصنام التي يعبدها المشركون أمام القدرة الإلهية. قال تعالى: "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهن الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب". ينصب التركيز هنا على تسليط الضوء على عدم قدرة أصنام وثنية مشركة كالأنصاب والعقيان وغيرها من الأشكال البدنية المختلفة للأسلاف القدامى المنتشرة آنذاك والتي كان الكثير قد اعتبرتها آلهة مساوية لله عز وجل. كما أنها توضح محدوديتها وضعفها المقارنة بحياة الإنسان وحياة الحشرات الصغيرة مثل الذباب.
هذه الايات تحمل العديد من الدروس والإشارات التعبدية والتعليمية. أولاً، تشير إلى أن الأصنام لا تمتلك نفس الروح والقوة التي تخول لها القيام بنفس العمليات الطبيعية للإنسان والحشرات. ثانياً، توضح كيف يمكن لحشرة بسيطة كهذه الحشرة -والذي يعد أحد أبسط أشكال الحياة المعروفة- سرقة طعام يعتبر مصدر حياة لهذه الأصنام بلا قدرة الأخيرة لإعادة اكتساب تلك المغنم المسروق مرة أخرى مما يدل على مدى ضعفها وعجزها. وفي النهاية، يقيم الله سبحانه وتعالى حالة مشابهة بين هذه الأشياء المقدسة المعتدى عليها وبين الفاعل المستغل لها السلبي. فالذباب ليس فقط قادرًا فعليا على فعل أكثر بكثير ممّا تتوقعه الأشياء الغوسية المتحجرة، ولكنه أيضًا أقوى وأكثر غلبة من أجسام تلك الأحجار المحترمة ذاتياً.
ويوضح السياق الهادي نحو الإرشاد والفكر المنير للحقيقة بأنه ليس لدينا بدائل واقعية حول كيفية معرفتنا الحقائق والسلوك وفقًا لهذا النهج إلا باتباع طريق واحد مقدس يحمل رسائل الهوية الإسلامية وهي الإيمان الواحد والتوكل على خالق الأكوان والخالق الأعظم الذي يتمتع بالقوة المطلقة والمعرفة العالمية دون نهاية أو حدود. ومن خلال إبراز قوة ذرة بيولوجية متناهية الصغر مقابل حجارة جامدة عديمة التفكير والنسيان نلاحظ كم تبدو الصورة واضحة وقاسية بالنسبة لمن يصرون على تجاهل التصميم الداخلي لعالمنا ويختاران عبادة مصنوعات بشرية للنيل من حاجات روحانية أساسية لدى البشر.