يعكس الإسلام نهجاً متكاملاً ورحيمًا في التعامل مع قضايا الفقر التي كانت ومازالت تشكل تحديًا عالمياً. هذا الدين الرباني لم يقتصر فقط على تقديم الحلول الطارئة بل وضع إطار عمل شامل يشجع على الوقاية والتوعية الاقتصادية بالإضافة إلى المساعدات العاجلة.
تتمثل أول خطوات استراتيجيته في تحقيق العدالة الاجتماعية والثبات الاقتصادي عبر فرض الزكاة والمواريث بشكل عادل. الزكاة، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، ليست مجرد صدقة اختيارية ولكنها واجب ديني على كل مسلم قادر مالياً. هذه الصدقات تجمع الأموال ثم يتم توزيعها بنسبة دقيقة بين ثمانية فئات محددة وفقا لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وهذا النظام يقضي على الثروة الزائدة في يد القلة ويضمن الوصول للعيش الرغيد للفقراء والمحتاجين.
بالإضافة لذلك، يعطي الإسلام أهمية كبيرة للأعمال الخيرية تطوعيا والتي تسمى "السُّنَّة". مثل كفالة الأيتام، بناء المساجد، المدارس، المستشفيات وغيرها مما يفيد المجتمع عامةً. كما يحث الدعوة للتجار والصناع على عدم الاستغلال وحماية حقوق العملاء والأجراء.
من جانب آخر، يؤكد التعليم الديني والإرشاد الأخلاقي دوراً هاماً في مكافحة الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمستضعفين. فالجهل غالباً ما يكون سبب رئيسي للوقوع في براثن الفقر؛ لذلك فقد جعل الله العلم فريضة مؤكدًا أنه "يسأل الناس عن كل أمر" وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالقول: «طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ».
في النهاية، فإن الهدف الأساسي للإسلام ليس فقط تخفيف حدة الفقر وإنما أيضا تعزيز الاستقرار الاجتماعي والقضاء نهائيا على جذوره وذلك بإعطاء الفرصة لكل فرد لتحقيق طموحه وتمكينه اقتصاديا اجتماعيا وثقافيّا. هكذا أصبح الإيمان بالإنسانية المشتركة والمعاملة الإنسانية جزءا أساسيا من ثقافة المسلمين وممارساتهم اليومية والتي تجسد روح الرحمة والخير المتأصلة داخل الإسلام.