الحمد لله الذي أنزل القرآن هدىً للناس، وبيانًا لكل شيء. إن تثبيت العقيدة الإسلامية في قلوب المؤمنين هو هدف سامٍ يسعى إليه المسلمون منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد اتبع القرآن الكريم وسائل متعددة لترسيخ العقيدة في قلوب المسلمين، مما يجعلها ثابتة راسخة في نفوسهم.
من أهم الوسائل التي اتبعها القرآن في ترسيخ العقيدة هي المقارنة بين عقائد الموحدين وعقائد المشركين وضرب الأمثال. يقول الله تعالى: "ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلمًا لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" (الزمر: 29). هذه المقارنة تبرز الفرق الواضح بين عقيدة التوحيد وعقيدة الشرك، مما يساعد على تعزيز اليقين في قلوب المؤمنين.
كما دعا القرآن إلى النظر والتأمل وإعمال العقل، حيث يقول الله تعالى: "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" (الأنبياء: 22). هذه الآية تشجع المسلمين على استخدام عقولهم في التفكر والتدبر في خلق الله، مما يقوي إيمانهم ويقربهم من الحق.
بالإضافة إلى ذلك، أكد القرآن على فطرة الإنسان في التوحيد، حيث يقول الله تعالى: "فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (الروم: 30). هذه الآية تشير إلى أن التوحيد هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، مما يجعل من السهل على الإنسان أن يعود إلى عقيدة التوحيد عندما يتذكر فطرته الأولى.
ومن الأدلة الشرعية والحسية التي تضافرت على أن الله فطر عباده على التوحيد، ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية. يقول الله تعالى: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا" (الأعراف: 172). هذه الآية تشير إلى أن الله أخذ ذرية آدم وأمرهم بعبادته وتوحيده، وأخذ عليهم الميثاق بذلك.
وفي السنة النبوية، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (رواه البخاري ومسلم). هذه الأحاديث تظهر أن التوحيد هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأن الانحراف عن التوحيد هو نتيجة لتأثير البيئة والتربية.
وفي الختام، فإن وسائل تثبيت العقيدة الإسلامية في القرآن الكريم متنوعة ومتعددة، وتشمل المقارنة بين عقائد الموحدين والمشركين، وإعمال العقل في التفكر والتدبر، وإثبات فطرة الإنسان في التوحيد. هذه الوسائل تساعد على ترسيخ العقيدة في قلوب المسلمين، مما يجعلها ثابتة راسخة في نفوسهم.